تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالشق هذا الذي حدث له وعمره سنتان وثلاثة أشهر وعمره عشر سنين هذا خارق للعادة يأتيه ملكان فيضجعانه، ولذلك أرادت حليمة أن تعيده إلى أمه وعمه عندما شق صدره وهو صغير خشيت أن يكون قد أصابه مس من قبل الجن، لأنها ظنت أن هذا من فعل جن، فصدره عندما يشق ويستخرج قلبه ويغسل هذا خارق للعادة لكنه لم يكن نبياً في ذلك الوقت فهذا بمثابة إرهاص وإعلام بأن هذا المولود له شأن في المستقبل، وقد كان له أعظم الشؤون عليه صلوات الله وسلامه، في يوم ولادته حصل إرهاص عظيم فأمه آمنه عندما تلده يخرج منها نور كما تتحدث هي عن ذلك، يضيء من هذا النور قصور بُصرى في بلاد الشام، وعندما ولد تراه قد ولد مختوناً فلم يختنه خاتن، مسروراً أي سرته مقطوعة، ثم بعد ذلك يرسل الله في ذلك العام طيراً أبابيل على الجند الذين جاءوا لهدم بيت الله العتيق، فهذا كله إرهاص، أي حصل في هذه البلدة خبر غريب من أجله فعلنا هذه الأعاجيب، فانتبهوا!

إنه نبينا عليه الصلاة والسلام، لذا تؤرخ ولادته بعام الفيل التي وقعت إرهاصا لولادته وإرهاصاً لنبوته وإخباراً بما سيكون له من الشأن العظيم.

وفي رحلته بعد ذلك إلى بلاد الشام عندما ذهب مع ميسرة - غلام خديجة – وعندما ذهب قبل ذلك مع عمه أبي طالب كان الغمام يظلله عليه الصلاة والسلام لوجود الحر الشديد فكان أينما ذهب غمامة فوق رأسه عليه الصلاة والسلام كأنه يحمل مظلة تظلله من حرارة الشمس، وهذا أيضاً إرهاص وهكذا بقية الأنبياء عندما جعل الله لهم خوارق للعادات قبل نبوتهم، فعيسى تسمعه يقول عند ولادته: (إني عبد الله آتاني الكتاب) ويقول: (وبراً بوالدتي) فتكلمه في المهد يعد إرهاصاً لأمر سيحصل لنبوته.

وموسى عليه الصلاة والسلام عندما يلقى في البحر (فإذا خفت عليه فألقيه في اليم) نجيناه من التلف بالتلف، نجيناه من فرعون بالبحر ليقوده إلى فرعون، وفرعون لم يتلفه، فنجيناه على يدي فرعون، وهذا رب العالمين الذي إذا أراد شيئاً فلا راد لحكمه ولا معقب لقضائه، فموسى ألقي في اليم هرباً من فرعون فنجاه الله على يدي فرعون، وصار هلاك فرعون على يد هذا المولود الذي رُبِّيَ في حجره وكان يضرب لحيته في صغره، فهذا إرهاص عظيم، فهل خافت المرأة على ولدها تلقيه في البحر، أن إذا كان في البحر تأخذه؟

القسم الثاني: المعجزة:

هي أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد النبي، ليكون برهاناً على صدقه في أنه رسول الله وقد تقترن المعجزة بدعوى التحدي، وقد لا تقترن، فلا يشترط في المعجزة أن تكون مقترنة بدعوى التحدي ..

فمعجزة القرآن الكريم مقرونة بدعوى التحدي (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله).

بقية المعجزات: كتكثير الطعام، وتسبيحه، وتسبيح الحصى، وانشقاق القمر (اقتربت الساعة وانشق القمر) حنين الجذع إلى النبي عليه الصلاة والسلام من المتواتر فكل هذا لم يقترن بالتحدي.

وهذه المعجزة لا يمكن لأحد أن يعارضها، ولذلك هي سالمة من المعارضة لأنه متى ما عارضها بطلت نبوة النبي، فلو قال النبي عليه الصلاة والسلام علامة صدقي أن ينشق القمر ويشير بإصبعه إلى القمر فينقلب فلقتين، ويظهر بين الفلقتين جبل حراء، فلقة عن يمينه وفلقة عن شماله ويقول مشركو مكة سحركم محمد عليه الصلاة والسلام، فقال بعض العقلاء فيهم -وليس فيهم عاقل - إذا سحرنا محمد فلن يسحر أهل الأرض، فسلوا التجار الذين سيعودون من بلاد الشام فهل رأوا انشقاق القمر في بلاد الشام في هذا الوقت أم لا؟

فلما عاد التجار من بلاد الشام سألوهم، هل انشق القمر في ليلة كذا؟ قالوا: نعم، فماذا قال المشركون (سحر مستمر)، فهذا قد سحر أهل الأرض جميعاً هكذا زعموا وحاشاه صلى الله عليه وسلم فإذن هذه لم تقترن بدعوى التحدي وقد تقترن بدعوى التحدي لكن لا يمكن أن تعارض، فلو قال مسيلمة الكذاب أنت شققت القمر في هذه الليلة وأنا سأشقه في الليلة التي ستليها، وحقيقة لو شق لبطل صدق النبي عليه الصلاة والسلام وظهر أنه دعيٌّ وليس نبي، ولذلك اشترطنا سلامتها من المعارضة، فلا يمكن لأحد أن يعارضها، أيد الله أنبياءه بالمعجزات.

بالمعجزات أيدوا تكرُّما \\\ وعصمة الباري لكلٍ حتِّما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير