ومن ذلك ما رواه سعد جمعة رئيس وزراء الأردن في حينها في كتابه (المؤامرة الكبرى ومعركة المصير) حيث قال:
" ظهر الخامس من حزيران اتصل سفير دولة كبرى في دمشق بمسؤول كبير ودعاه إلى منزله لأمر عاجل هام! وتم الاجتماع في الحال،فنقل السفير للمسؤول السوري نص برقية عاجلة من حكومته تؤكد أن سلاح الجو الإسرائيلي قد قضى قضاء مبرماً على سلاح الجو المصري،وأن المعركة بين العرب وإسرائيل قد اتضحت نتائجها وأن إسرائيل لا تنوي مهاجمة النظام السوري، وأن إسرائيل من قبل ومن بعد بلد (اشتراكي) يعطف على التجربة الاشتراكية البعثية (خاصة البعثية العلوية) ولذا فمصلحة سوريا مصلحة الحزب،ومكاسب الثورة أن تكتفي بمناوشات بسيطة لتكفل لنفسها السلامة، وذهب المسؤول السوري ليعرض ما سمعه لتوه على رفاق القيادة القطرية والقومية، وعاد الرسول السوري غير بعيد ليبلغ السفير استجابة الحزب والحكومة والقيادات لمضمون البرقية العاجلة وهكذا كان.
وشواهد هذا كثيرة كما قلنا في الكتب المعاصرة ومذكرات الزعماء.
• وبقيام العلوية النصيرية بدورهم على يد زعيمهم وزير الدفاع، الذي عقد صفقة من جملتها تعهد من اليهود والدول الصليبية بتسليمه رئاسة الدولة وتمكين العلوية النصيرية من ملك سوريا.
• وبكل وقاحة خرج وزير خارجية سوريا البعثي الدرزي إبراهيم ماخوس ليعلن في خطابه: (ليس مهماً أن يحتل العدو دمشق أو حتى حمص وحلب فهذه جميعاً أراضي يمكن تعويضها وأبنية يمكن إعادتها، أما إذا قضي على حزب البعث فكيف يمكن تعويضه وهو أمل الأمة العربية، لا تنسوا أن الهدف الأول من الهجوم الإسرائيلي هو إسقاط الحكم التقدمي في سوريا،وكل من يطالب بتبديل حزب البعث فهو عميل لإسرائيل).
• وعلى مر ثلاثة سنوات رتبت فصول المسرحية التي أعلنت بالحركة التصحيحية في شهر 10 عام 1970 بالانقلاب الأبيض الذي حمل حافظ أسد إلى رئاسة الجمهورية،وهكذا وصلت المسرحية إلى فصلها الأساسي، ولو أراد الباحث أن يتقصى تاريخ سوريا ولبنان والشام مع مسير أسد العلوية النصيرية من شهر 10 عام 1970 إلى شهر 6عام 2000 لتطلب منه ذلك مجلدات سوداء كثيرة يسود بها وجه تاريخ هذه المنطقة ولكن نكتفي بالمحطات من حصاد هذه الثلاثين سنة المرة ..
1 - حملة إبعاد وتصفية لكل القيادات السياسية والحزبية والعسكرية لمن يثبت مجرد انتمائه إلى طائفة السنة أما الذي ثبت تدينه أو عاطفته الدينية فقد ناله الإعدام أو السجن أو على الأقل الإبعاد.
2 - سيطرة كاملة للعنصر النصيري على الأجهزة السلطوية الأساسية، الجيش باسلحته الثلاث البرية الجوية البحرية، الشرطة، الأمن بفروعة المختلفة، الاستخبارات، حرس الحدود.
3 - سيطرة كاملة على المناصب العليا والوزارات والمحافظات والمديريات وترك بعض الأشكال الصورية لأبناء الطوائف الأخرى مثل الإسماعيلية،الدروز، النصارى، وبعض عريقي التوجه العلماني من أبناء أهل السنة من مرتدي البعث.
4 - سجل أسود وحافل بالفساد والرشاوى وسوء الإدارة وتفتيت البنية التحتية للجيش والاقتصاد السوري وربط دائرة كبار التجار بشركات مشتركة مع كبار ضباط العلوية النصيرية.
5 - نشر للإباحية والفساد والفسوق والعصيان في صفوف الجيل المسلم الناشئ عن طريق مؤسسات تربوية تشوه الدين وتنشأ على الإلحاد،تبدأ مع أطفال الابتدائية بتنظيم طلائع البعث،وتستمر في الإعدادية والثانوية عبر شبيبة ثورة البعث لتستمر بعد ذلك بالميلشيات الحزبية العسكرية. وعن طريق وسائل الإعلام المختلفة من المجلات للإذاعة للتلفاز للدشوش، لدور السينما … الخ، فقد تم إفساد الساحة العريضة من شباب وبنات أهل الإسلام في هذا البلد المبارك.
6 - تصفية العلماء والدعاة والمشايخ والخطباء، وشل المساجد والسيطرة عليها سيطرة تامة ثم استغلال انتفاضة المسلمين عليهم التي قادها الشيخ المجاهد البطل مروان حديد وتلاميذه ومن تبعهم من شباب الإسلام،بعد أن فشلت الانتفاضة الجهادية، استغل العلوية النصيرية الحاكمين في سوريا ولبنان ذلك ذريعة لاجتثاث جذور الصحوة الإسلامية المباركة في سوريا ولبنان عبر مجازر طاحنة.
¥