تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد في هدي خير العباد: "والعجب ممن يدعي ويزعم تعدد الإسراء والمعراج في اليقظة فكيف سيحمل التعدد على فرضية الصلاة " فقد فرضت الصلاة ليلة المعراج وكانت خمسين فخفضت إلى خمس عندما كان يتلقى هذا من الله وينزل على نبي الله موسى عليه السلام – وسيأتينا هذا في الآيات التي رآها في السماء وما حصل له من عجائب – فإذا قلنا إن حادث الإسراء والمعراج قد تكرر إذن نعيد المسألة في كل حادث كانت خمسين وترجع إلى خمس وترجع إلى خمس فهذا لا يمكن أن يقع ويحصل، فإسراء ومعراج اليقظة هذا وقع مرة واحدة.

الحالة الثانية: حالة وقوعهما في المنام بروح نبينا عليه الصلاة والسلام فلا مانع من تكرارها، أي أن يسرى بروحه فتذهب روحه إلى بيت المقدس وهو نائم ويعرج بروحه إلى السماء وهو نائم، فلا مانع من تعدده ولو وقع ألف مرة.

والإمام النووي في فتاويه المشهورة – وهو كتاب مطبوع في 300 صفحة تقريباً – ذهب في هذه الفتاوى إلى أن الإسراء والمعراج وقعا مرتين لنبينا عليه الصلاة والسلام مرة في المنام ومرة في اليقظة.

وذهب بعض الأئمة كالمهلب – كما حكى هذا الحافظ في الفتح – وذهب إليه الإمام ابن العربي والإمام السهيلي وأبو نصر عبد الرحيم القشيري وغيرهم: إلى أن الإسراء والمعراج في المنام تكرر فوقع قبل الهجرة ووقع بعدها، فاختلفوا في عدد المرات في المنام، أما في اليقظة بروحه وجسده فلم تقع إلا مرة واحدة.

نعم التبس الأمر على بعض رواة الحديث عندما أخبرهم نبينا عليه الصلاة والسلام أنه عرج به وأسريَ به في غير اليقظة فظنوا أن ذلك الإسراء والمعراج حصل في اليقظة مع أنه حصل في المنام فلا مانع كما قلنا أن يعرج به وبغيره عليه الصلاة والسلام، أو يسرى به وبغيره عليه الصلاة والسلام في المنام لا في اليقظة.

إذا فقد ذهب الإمام النووي إلى وقوعهما مرة في المنام وذهب غيره إلى أنها حصلت أكثر من مرة، فوقع قبل الهجرة وبعدها والذين قالوا أنه وقع قبل الهجرة قالوا وقع قبل أن يسرى به ويعرج به في اليقظة فأسري به وعرج بروحه ليكون توطئة لإسراء ومعراج الجسد بعد ذلك، ثم بعد أن هاجر فأسْرِيَ وعُرج بروحه وهو نائم ليكون بمثابة التشويق وتذكرة بالنعمة التي حصلت له قبل هجرته.

أ*- متى حصلا ووقعا لنبينا عليه الصلاة والسلام؟

ذهب الإمام الزهري – من أئمة التابعين – ولكلامه هذا حكم الرفع المرسل إلى أن الإسراء والمعراج حصلا ووقعا قبل الهجرة بسنة.

وذهب الإمام ابن سعد في الطبقات الكبرى إلى أنه وقع قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً قلت: ولا تعارض بين القولين فيما يظهر لي والعلم عند الله، فمن قال عرج به وأسرى قبل الهجرة بسنة ألغى الكسر وأخبر عن العدد الصحيح ومن قال عرج به وأسري قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً (سنة ونصف) أخبر عن حقيقة ما وقع وأثبت الكسر، فالإسراء والمعراج إذن وقعا قبل الهجرة بسنة ونصف.

جـ- لم وقعا في ذلك الوقت؟ (الحكمة من وقوعها في ذلك الوقت):

في العام العاشر للبعثة لا للهجرة حدث أمران عظيمان في حياة نبينا عليه الصلاة والسلام كان لهما أثر كبير وهما:

أولهما: موت زوجه خديجة، وخديجة هي أفضل نساء هذه الأمة على المعتمد وقيل فاطمة ابنتها، وقيل أمنا عائشة، وذهب بعض العلماء إلى أن كل واحدة منهن فيها فضيلة ومزية لا توجد في الأخرى، لكن أمنا خديجة رضي الله عنها لها منزلة عظيمة في قلب النبي عليه الصلاة والسلام، فهي أول من آمن به من النساء، نصرته وواسته وأعانته بمالها، رزقها الله منها الأولاد وكانت نعم الزوج رضي الله عنها، فمن كان يبث إليه سره ويأنس في خلوته ذهب ومات.

ثانيهما: موت عمه أبي طالب بعد شهر وخمسة أيام، وأبو طالب كان مشركاً وكافراً ولم يؤمن بالنبي عليه الصلاة والسلام (1) لكن له صلة عظيمة بنبينا عليه صلوات الله وسلامه من سائر أعمامه فعمه العباس لم يكن مؤمناً في ذلك الوقت ثم آمن فيما بعد، وعمه أبو لهب لم يكن مؤمناً وما آمن وكان يؤذي النبي عليه الصلاة والسلام والعباس لم يكن له من المكانة في قومه كما لأبي طالب، فأبو طالب هو الذي ورث مكانة عبد المطلب وصار سيد قريش، فكانت له كلمة نافذة فما استطاع سفيه في مكة أن يمد يده أو يلوح بأصبعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مدة حياة أبي طالب وهو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير