تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فاستدعاهم وقال لهم: ما هذا الدين الذي فارقتم به دين قومكم ولم تدخلوا في ديني،- وكان هو على النصرانية – قالوا والذي تولي الإجابة هو جعفر بن أبي طالب ابن عم النبي صلي الله عليه وسلم: أيها الملك كنا في جاهلية وشر، نعبد الأصنام ونأكل الميتة والجيف ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فبعث الله فينا رسولاً منا نعرف صدقه ونسبه، فدعانا إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأمرنا أن ننبذ ما كان يعبد آباؤنا من الأصنام، وأمرنا بالصلاة وصدق الحديث وصلة الأرحام فآمنا به وصدقناه، فعدا علينا قومنا وآذونا فلجأنا إليك واخترناك على من سواك. فقال لهم: إن كنتم كذلك فلكم الأمن في بلادي.

وفي اليوم الثاني قال عمر بن العاص لعبد الله بن أبي ربيعة، لأذهبن إلى الملك ولأوغرن صدره عليهم، ولأحرضنه عليهم ولأقولن له إنهم يقولون في عيسي قولاً عظيماً، وهو أنه عبد الله ورسوله، لأن النصارى يقولون هو ابن الله، ولأبيدن خضراءهم بهذا الكلام، وكان عبد الله بن أبي ربيعة وهو على شركه فيه رحمة فقال: رفق بهم فإنهم أبناء العم والعشيرة، فقال بل لابد.

فذهب إلى الملك وقال: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى قولاً عظيماً، فاستدعاهم فقالوا لجعفر ماذا نقول؟ قال ما نقول إلا ما علمنا نبينا عليه الصلاة والسلام وليكن ما هو كائن. فقال لهم النجاشي: ماذا تقولون في عيسى؟ قالوا: ما نقول إلا ما علمنا نبينا عليه الصلاة والسلام فتلا عليهم صدر سورة مريم فلما وصل إلى قول الله (ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون، ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم).

وانتبه لموقفهم هذا فلا يعني هروبنا وفرارنا من بلدة إلى بلدة فراراً بديننا أن نتنازل عن ديننا وقيمنا بل الواجب أن نثبت عليها كما خرجنا وفررنا بسببها إلى أن نلقى الله وهو راضٍ عنا إذ لا يعقل أن تهاجر وتقاتل من أجل مبدأ ثم لما تغير بلدك تتنازل عن هذا المبدأ الذي هاجرت بسببه.

إذن فتلا عليه هذه الآيات ولما قال: (ما كان لله أن يتخذ من ولد) نخر البطارقة، ولما قال عيسى في السورة (قال: إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً، وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً) فقال النجاشي: وإن نخرتم؟ وبكي حتى اخضلت لحيته من دموع عينيه ثم أخذ عودة صغيرة من أرض وقال والله ما زاد علي وصف عيسى بمقدار هذه، فهذا هو وصف عيسى هو عبد الله ورسوله وليس هو بثالث ثلاثة وليس هو ابن الله جل وعلا، ثم قال لجعفر ولمن معه: أنتم سيوم أنتم سيوم أنتم سيوم والسيوم في لغة الحبشة الأحرار أي مثل الغنم السائمة تمشي وترعي أينما تريد،ولذلك الغنم إذا كانت سائمة فيها زكاة وإذا كانت تعلف فليس فيها زكاة – من سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم، والله ما أحب أن لي دَبْراً من ذهب، والدبر هو الجبل العظيم الكبير بلغة الحبشة – وأن أحداً منكم يؤذى هذا العبد الصالح النجاشي (أصحمة) لما مات صلى عليه نبينا عليه الصلاة والسلام صلاة الغائب كما في الصحيحين.

وقد ثبت في سنن أبي داود في كتاب الجهاد، باب النور يري على قبر الشهيد (؟؟؟؟؟)، قالت أمنا عائشة رضي الله عنها: [كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبر النجاشي نور بعد موته? وفي الحقيقة فإنه يستحق هذا الإكرام من ربنا الرحمن.

فأولا: اعتقد اعتقاد الحق.

وثانيا: بذل ما في إمكانه حسبما وسعه في ذلك الوقت فالرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت في مكة ولا يمكن الهجرة إليه.

وثالثا: نصر هؤلاء المؤمنين، فقام بما في وسعه وهو إن شاء الله في عداد المؤمنين الموحدين، فهذا هو النجاشي العبد الصالح ولا مثيل له في عصرنا.

فتن لكن لا يوجد نجاشي، لئام فاضت الأرض بهم فيضاً لكن لا يوجد ما يقابلهم من الكرام بحيث إذا ذهب الإنسان إليهم يجد النصر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير