[فوائد علمية من سورة (الطلاق) آمل الاستفادة منها.]
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[02 - 04 - 03, 11:41 م]ـ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله.
وبعد
فهذه بعض الفوائد من سورة (الطلاق) سأذكرها فائدة فائدة، و أسأل الله تعالى أن تكون مفيدة لإخواني وفقهم الله.
المسألة الأولى: سبب نزول سورة الطلاق
في سبب نزول سورة الطلاق عدة أقوال:
القول الأول: أنها نزلت حين طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قاله أنس بن مالك رضي الله عنه. (1)
استدل هذا القول بما يلي:
ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها، فأنزل الله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} فقيل له راجعها فإنها صوامة قوامة، وهي من أزواجك في الجنة) (2)
وما رواه عاصم بن عمر رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر بن الخطاب ثم ارتجعها) (3)
قال ابن كثير: (وقد ورد من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها). (4)
القول الثاني: أنها نزلت في عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: وذلك أنه طلق امرأةً له حائضا فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يُراجعها ثم يُمسكها حتى تطهر، وهذا القول قال به السدي.
استدل هذا القول بما رواه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: (أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عُمر بن الخطاب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مُرهُ فليراجعها ثم يُمسكها حتى تطهُر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعدُ وإن شاء طلق قبل أن يَمسَّ، فتلك العدة التي أمر الله أن يُطلق لها النساء}. (5)
القول الثالث: أنها نزلت في أبي ركانة.
بدليل ما رواه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: (طلق عبد يزيد أبو ركانة أم ركانة، ثم نكح امرأةً من مُزينة، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما يُغني عني إلا ما تُغني عني هذه الشعرة – لشعرة أخذتها من رأسها – فأخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم حميةٌ عند ذلك فدعا ركانة و إخوته، ثم قال لجلسائه: {أترون كذا من كذا؟} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد: {طلقها} ففعل، فقال لأبي ركانة: {ارتجعها} فقال: يارسول الله إني طلقتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قد علمت ذلك فارتجعها} فنزلت: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}.
أخرجه بهذا اللفظ الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (6)
والصحيح أن هذا القول ضعيف جدا.
ففي إسناده:محمد بن عُبيدالله بن أبي رافع.
قال البخاري فيه: (منكر الحديث).
وقال ابن معين: (ليس بشيء هو وابنه معمر) (7)
وقال أبو حاتم الرازي: (ضعيف الحديث منكر الحديث جدا ذاهب) (8)
وقال ابن عدي: (كوفي، ويروي عنه الكوفيون وغيرهم، وهو في عِداد شيعة الكوفة، ويروي من الفضائل أشياء لا يُتابع عليها) (9)
وضعفه أيضا الدارقطني. (10) والعقيلي. (11)
وقال الذهبي: (ضعفوه) (12)
وقال الذهبي أيضاً في تلخيص المستدرك: (محمد بن عبيد الله بن أبي رافع واهٍ، والخبر خطأ، عبد يزيد لم يُدرك الإسلام). (13)
القول الرابع: أنها نزلت في عبدالله بن عمر، أو عبدالله بن عمرو، وعيينة بن عمرو، وطفيل بن الحارث، وعمرو بن سعيد بن العاص.
وليس لهذا القول دليل، ذكر هذا القول ابن العربي المالكي وضعفه. (14)
القول الخامس: أنه لا يوجد سبب نزول لهذه الآيات الكريمة، وإنما نزلت لبيان شرع مُبتدأ، ذكر هذا القول الإمام أبو بكر بن العربي وصححه قائلاً: (والأصح فيه أنها بيان لشرع مُبتدأ) (14)
قال الإمام محمدالأمين الشنقيطي: (وعلى كل حال فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معلوم) (15)
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=
المسألة الثانية: متى نزلت هذه السورة؟
أجمع أهل العلم بالتفسير أن سورة الطلاق نزلت بالمدينة، وأن السورة بكاملها مدنية.
¥