تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هنا ـ يقصد شارح الطحاوية ـ يختصر كلامه المبسوط في منهاج السنة، وقد غلا رحمه الله تعالى في مناصرة هذا المذهب والدفاع عنه ضد مخاليفه من المتكلمين والفلاسفة، وادّعى أنه مذهب السلف، مستدلا بقول الإمام أحمد وغيره: لم يزل متكلما إذا شاء• بأنه إذا كان كلامه ـ وهو صفة قائمة بذاته ـ متعلقا بمشيئته واختياره، دل ذلك على جواز قيام الحوادث بذاته، لأن ما يتعلق بالمشيئة والاختيار لا يكون إلا حادثا• وقد انتهى به القول إلى أن كلام الله تعالى قديم الجنس حادث الأفراد، وكذلك فعله وإرادته ونحو ذلك من الصفات غير اللازمة للذات• وبما أن القول بذلك يستلزم التسلسل، فقد جوزه في الماضي والمستقبل جميعا، وادّعى أن مثل هذا التسلسل ليس ممتنعا• وغير واحد من العلماء يعدون هذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام من جملة ما ندّبه عن الصواب، وينكرونه ويقولون: كيف يقول بقدم جنس الصفات والأفعال مع حدوث آحادها؟ وهل الجنس شيء غير الأفراد مجتمعين؟؟ وهل يتركب الكلي إلا من جزئياته؟! فإذا كان كل جزئي من جزئياته حادثا، فكيف يكون الكلي قديما؟!! هـ

الحافظ الذهبي يوضح من أين جاء ابن تيمية بهذه العقيدة

يوضح الحافظ الذهبي، وهو من تلامذته، من أين جاء ابن تيمية بهذه ''البدعة''، فيذكر الحافظ الذهبي تأثر ابن تيمية بالفلاسفة• قال الحافظ الذهبي في نصيحته التي توجه بها لابن تيمية: ''يا رجل، بالله عليك كف عنا، فإنك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام، إياكم والأغلوطات في الدين، كره نبيك محمد، صلى الله عليه وسلم، المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال: ''إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان''• وكثرة الكلام بغير دليل تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام، فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفة وتلك الكفريات التي تعمي القلوب؟ والله قد صرنا ضحكة في الوجود، فإلى كم تنبش الكفريات الفلسفية لنرد عليها بعقولنا، يا رجل قد بلعت سموم الفلاسفة وتصنيفاتهم مرات، وكثرة استعمال السموم يدمن عليه الجسم، وتمكن والله في البدن••• يا خيبة من اتبعك، فإنه معرض للزندقة والانحلال، لاسيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا•• فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربطو خفيف العقل أو عامي كذاب بليد الذهن'' انتهى•

وهذه البدعة التي أحدثها ابن تيمية وقلده أتباعه إلى اليوم ولازالوا ينافحون عنها ويكافحون، هي من البدع المحدثة في العقيدة، وابن تيمية يزعم أنه على عقيدة السلف!! ونحن لا نطلب إلا أن يثبت لنا أتباعه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال بقيام الحوادث بذات الله تعالى! أو يذكروا لنا آية واحدة تدل بظاهرها على قيام الحوادث بذات الله تعالى! أو صحابيا واحدا ذهب إلى قيام الحوادث بذات الله تعالى! أو تابعيا واحدا! أو إماما معتبرا من أئمة الاجتهاد كأبي حنيفة ومالك وأحمد والشافعي!!

فإذا كان القرآن والسنة والصحابة وتابيعهم وأئمة الاجتهاد لا يعرفون عقيدة اسمها ـ قيام الحوادث بذات الله تعالى ـ فكيف يجعلها ابن تيمية وأتباعه عقيدة للسلف، فمن هم السلف عنده!! ولماذا يبدع أنصاره والناس على أساس خلافات فقهية مشروعة كالدعاء بعد الصلاة أو الصلاة في المقبرة أو القنوت أو المولد النبوي أو السبحة أو الأخذ من اللحية، ثم يلوذون بصمت أهل القبور أمام بدع ابن تيمية في العقيدة!! وإذا خاضوا فيها خاضوا بلطف كبير، يبسطون من ضخامة هذه البدعة!! بل يضللون ويبدعون من حذر منها!!

فهل المبتدع هو فاعل البدعة أم منتقدها؟؟

* أنظر رسالة ـ ''النصيحة الذهبية'' ـ للحافظ الذهبي، وأصل المخطوطة محفوظ بدار الكتب المصرية برقم (18823 ب)

ودار الكتب الظاهرية بدمشق برقم (1347)، وقد أكد الشيخ شعيب الأرنؤوط محقق كتاب ''سير أعلام النبلاء'' للذهبي في مقدمته ج 1 ص 38 ثبوت هذه النصيحة فقال: ''ومع أن الذهبي قد خالف رفيقه وشيخه في مسائل أصلية وفرعية وأرسل إليه نصيحته الذهبية التي يلومه وينتقد بعض آرائه وآراء أصحابه بها، إلا أنه لا ريب قد تأثر به تأثرا عظيما''• قلت: قد أثبتها الحافظ السخاوي تلميذ الحافظ ابن حجر في كتابه ـ الإعلان بالتوبيخ ـ ص 136 و137 فقال دفاعا عن الذهبي: ''ورأيت له رسالة كتبها لابن تيمية هي في دفع نسبته لمزيد تعصبه مفيدة'' اهـ•

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير