قلت: الإستواء هو العلو والإرتفاع وقد اتفق أهل السنة أنه سبحانه فوق العرش إستوى , أحاط بكل, ويعلم كل شيء, أسفل الأرض السابعة وفي قعور البحار وبطون الأودية لا {تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.قال الإمام ابن عبد البر في كتابه التمهيد (3) عند شرحه لحديث النزول:" فيه دليل على أن الله جلّ وعلا في السماء على العرش من فوق سبع سماوات كما قالت الجماعة وهو حجّتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم: إن الله في كلّ مكان".أهوقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه (نقض الإمام أبي سعيد علي بشر المريسي (4):" وقدإتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه فوق سماواته".أهـ
قال إمام الشافعية بل إمام الأئمة إبن خزيمة المتوفى سنة 311 هجرية في كتابه [التوحيد وإثبات صفات الرب عزّوجل 88ص] في ذكر إستواء خالقنا العلي الأعلى بعد أن أورد الآيات:
فنحن نؤمن بخبرالله جلّ وعلا أن خالقنا مستو على عرشه لا نبدل كلام الله ولا نقول قولا غير الذي قيل لنا كما قالت المعطلة الجهمية أنّه إستولى على عرشه لا إستوى فبدّلوا قولا غير الذي قيل لهم كفعل اليهود لماأمروا أن يقولوا حطة فقالوا: حنطلة مخلفين لأمرالله جل وعلا كذلك الجهمية)). إنتهى كلامه.
قال الحافظ ابن كثير في [تفسيره 2/ 211] عندقوله تعالى" ثُمَّ اِسْتَوَى عَلَى الْعَرْش " فَلِلنَّاسِ فِي هَذَا الْمَقَام مَقَالَات كَثِيرَة جِدًّا لَيْسَ هَذَا مَوْضِع بَسْطهَا وَإِنَّمَا نَسْلك فِي هَذَا الْمَقَام مَذْهَب السَّلَف الصَّالِح مَالِك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْرِيّ وَاللَّيْث بْن سَعْد وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَغَيْرهمْ
مِنْ أَئِمَّة الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَهُوَ إِمْرَارهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْر تَكْيِيف وَلَا تَشْبِيه وَلَا تَعْطِيل وَالظَّاهِر الْمُتَبَادِر إِلَى أَذْهَان الْمُشَبِّهِينَ مَنْفِيّ عَنْ اللَّه فَإِنَّ اللَّه لَا يُشْبِههُ شَيْء مِنْ خَلْقه وَ " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير " بَلْ الْأَمْر كَمَا قَالَ الْأَئِمَّة مِنْهُمْ نُعَيْم بْن حَمَّاد الْخُزَاعِيّ شَيْخ الْبُخَارِيّ قَالَ مَنْ شَبَّهَ اللَّه بِخَلْقِهِ كَفَرَ وَمَنْ جَحَدَ مَا وَصَفَ اللَّه بِهِ نَفْسه فَقَدْ كَفَرَ وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّه بِهِ نَفْسه وَلَا رَسُوله تَشْبِيه فَمَنْ أَثْبَتَ لِلَّهِ تَعَالَى مَا وَرَدَتْ بِهِ الْآيَات الصَّرِيحَة وَالْأَخْبَار الصَّحِيحَة عَلَى الْوَجْه الَّذِي يَلِيق بِجَلَالِ اللَّه وَنَفَى عَنْ اللَّه تَعَالَى النَّقَائِص فَقَدْ سَلَكَ سَبِيل الْهُدَى) أهـ
هل لله مكان؟؟:
لم يرد في الكتاب ولا السنة النبوية إثبات لفظ المكان ولا نفيه وكذاالجهة ولم ينقل عن السلف بهذه الألفاظ نفي ولا إثبات بل هو قول بعض المتكلمين
قال المفسّر القرطبي في ا لجامع لأحكام القرآن (5):"والأكثر من المتقدمين والمتأخرين -- يعني المتكلمين -- أنه وجب تنزيه البارى سبحانه عن الجهة والتحيّز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة فليس بجهة فوق عندهم , لأنه يلزم من ذلك عندهم متى إختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز, ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون للتحيز والحدوث. هذا قول المتكلمين وقد كان السلف رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك".أهـ
ثم رأيت الذهبي قد علّقه على كلام القرطبي فقال في كتابه (العلو للعلي العظيم) (6):قلت: نعم هذا مااعتمده نفاة علو الرب عزّ وجلّ وأعرضوا عن مقتضى الكتاب والسنة وأقوال السلف وفطر الخلائق , وإنما يلزم ماذكروه في حق الأجسام والله تعالى فلا مثل له, ولازم صرائح النصوص حق ولكنّا لا نطلق عبارة إلاّ بأثر, ثم نقول: لانسلم كون البارئ تعالى على عرشه فوق السماوات يلزم منه أنه في حيزوجهة إذ مادون العرش يقال فيه حيز وجهات ومافوقه فليس هو كذلك والله فوق عرشه كماأجمع عليه الصدر الأول ونقله عنه الأئمة,,,,,".أهوقال شيخ الإسلام ابن تيمية في التدمرية (7):" ومعلوم أنه ليس في النصّ إثبات لفظ
¥