رجعت إلى كتاب "عون المعبود" المجلد 11 طبعة دار الفكر فوجدت أن الأخ منصور قد بتر كلام الشارح في نهايته حيث فيه نسف لكل ما قاله في البداية في شرح هذا الحديث، حيث ذكر الشارح أقوال العلماء في سند الحديث وأنه ضعيف وختم بكلام المنذري " وهذا منقطع قال فيه أبو داود قال هارون بن المغيرة، وقال الحافظ: أبو القاسم الدمشقي هلال بن عمرو وهو غير مشهور عن علي انتهى
وهذا المثال غيض من فيض ولو أوردت كل ما تتبعت لجمع ذلك في صفحات كثيرة، وليس هذا هو المقصود من مثل هكذا مقال، ولكن المقصود التمثيل والتدليل بطريقة مختصرة، وللقارئ الفطن الرجوع إلى الكتاب للتأكد من ما ذكرناه!
خامسا:جهل الكاتب بالتخريج وخلطه بين المرفوع والمقطوع
ذكر المؤلف في ص104 حديث " قال صلى الله عليه وسلم تخرج راية سوداء لبني العباس ... "، في الحاشية أحال إلى كتاب "الحاوي في الفتاوي للسيوطي" المتوفي في القرن العاشر الهجري بدلا من كتب المتقدمين التي ينقل منها الكاتب في كتابه مثل "كتاب الفتن" لنعيم بن حماد شيخ البخاري، ولقد رجعت للحاوي - طبعة الكتاب العربي التي يطبع الأخ منصور كتبه فيها - فوجدت الحديث مسندا ولكن أي سند! وقبل أن أورد السند أود أن الفت الانتباه إلى كلام آخر للدكتور البستوي حيث قال عن "كتاب العرف الوردي في أخبار المهدي" الموجود في كتاب الحاوي: "وهذه الطريقة للجمع وإن كانت حسنة للعلماء والباحثين لأنها تدلهم على المصادر وبإمكانهم البحث عن أحوالها، ولكنها في الوقت نفسه تلحق ضررا كبيرا بالعامة! لأنهم لا يجدون في أنفسهم ملكة للبحث والتدقيق، وهكذا حدث فقد جرت عادة كل الذي ألفوا بعده إلا من رحم الله أن ساقوا كل هذه الروايات واستدلوا بها وهكذا انتشر كثير من الأخبار والقصص والواهية فصدقها الناس وآمنوا بها وكأنها لا تحتمل أي نقاش أو تردد " انتهى والآن نأتي للسند:
حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي عبد الله عن عبد الكريم أبي أمية عن محمد بن الحنفية قال تخرج راية سوداء لبني العباس ثم تخرج من خراسان أخرى سوادء قلانسهم سود وثيابهم بيض على مقدمتهم رجل يقال له شعيب بن صالح بن شعيب من تميم يهزمون أصحاب السفياني حتى ينزل ببيت المقدس ويوطئ للمهدي سلطانه ويمد إليه ثلثمائة من الشام يكون بين خروجه وبين ان يسلم الأمر للمهدي اثنان وسبعون شهرا.
من درس مقدمات علم الحديث يعلم من نظرة سريعة في السند أن هذا الحديث من قول ابن الحنفية وهو ليس من الصحابة بل هو من التابعين فالحديث يسميه علماء الحديث بالمقطوع!
وليس هو من قول الرسول عليه السلام فكيف ينسب لرسول الله وهو من قول ابن الحنفية!
ثم أن الكاتب نقل نقلا خاطئا من كتاب الحاوي! حيث رجعت إلى كتاب الحاوي فوجدت أن الامام السيوطي- المعروف بأمانته في النقل - قد قال: وأخرج نعيم بن حماد عن محمد بن الحنفية ثم ذكر الحديث! بينما صدر الكاتب الحديث بقوله قال صل الله عليه وسلم! فلا أصاب الكاتب في طريقة تخريج الحديث ولا أصاب في نقله عن رسول الله عليه الصلاة والسلام!
ثم إن الحديث من عنعنة الوليد بن مسلم وهو مدلس مشهور كما عنعن الكاتب هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم!
سادسا: ميل الكاتب الواضح إلى الشيعة الامامية في مواضع متعددة
مثال: قال في ص107 " والملاحظ أن هناك عمائم سودا وثيابهم بيض جهة الشرق وهم علماء الدين الشيعة في إيران ورجال طالبان أيضا وهم من اهل السنة "
وأقول: هل يوطأ الله للمهدي سلطانه بالقائلين بتحريف القرآن ومكفري الصحابة وقاذفي السيدة عائشة بالزنا والقائلين بعصمة الأئمة الاثناعشر والقائلين بالرجعة والتقية! لكن كما قال الداروقطني من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب!
سابعا: محاولته الغريبة للجمع بين آراء أهل السنة والشيعة في نسب المهدي:
¥