تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) وهكذا المؤمن هو في الأرض لكن أعماله تصعد إلى الله جل وعلا (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه).

المبحث الرابع:

الأنهار التي رآها نبينا عليه الصلاة والسلام تخرج من أصل سدرة المنتهى:

قلنا رأى النبي صلى الله عليه وسلم نهرين باطنين ونهرين ظاهرين، أما الباطنان فهما الكوثر والرحمة ويخرجان من عين هي أمّ لهما أسمها السلسبيل وأما الظاهران فهما النيل والفرات كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام.

وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [سيحان وجيحان و النيل والفرات كلها من أنهار الجنة] وسيحان وجيحان نهران في بلاد سمرقند التي هي الآن تحت حكم الاتحاد السوفيتي فك الله أسر بلاد المسلمين، والنيل في بلاد مصر، والفرات في بلاد الشام، وهذه الأنهار كلها من الجنة.

فإن قيل: كيف نجمع بين هذا الحديث وبين حديث الإسراء والمعراج الذي ذكر فيه نهرين فقط؟

نقول: وهو الجواب المعتمد الذي قرره الإمام النووي رحمه الله والحافظ ابن حجر:

لا إشكال في ذلك، فسيحان وجيحان من أنهار الجنة، لكن لا ينبعان من أصل سدرة المنتهى، وأما النيل والفرات فمن أنهار الجنة ولكن ينبعان من أصل سدرة المنتهى ثم يتفجران للناس في الأرض فالنيل والفرات لهما مزيد بركة وفضل ومزية على سيحان وجيحان.

وانظروا شرح الإمام النووي على صحيح مسلم (17/ 177) و فتح الباري (7/ 203).

ما المراد هنا من كون هذه الأنهار الظاهرة (النيل والفرات وسيحان وجيحان) من الجنة؟)

ذكر علماؤنا قولين:

القول الأول: ذكره القاضي عياض – وهو في نظري مردود مع جلالة قائله _وهو أن في كون سيحان وجيحان والنيل والفرات من أنهار الجنة إشارة إلى معجزة عظيمة من معجزات نبينا عليه الصلاة والسلام وهي: أن البلاد التي فيها تلك الأنهار عما قريب ستفتح ويسلم أهل تلك البلاد ويؤولون إلى الجنة بعد ذلك، فهذه الأنهار ليس ماؤها من الجنة فعبر بالمحل وأراد من سيحل فيها في المستقبل من أهل الجنة.

وهذا في منتهى التكلف فيما يظهر لي ولا داعي دائماً لإخراج اللفظ من ظاهره.

القول الثاني: وهو المعتمد وهو الذي قرره شيخ الإسلام الإمام النووي وابن حجر وغيرهما أن هذه الأنهار من أنهار الجنة حقيقة، فماؤها ينزل من الجنة بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها ونحن نحن معشر أهل السنة نؤمن بأن الجنة مخلوقة، وأن النار مخلوقة، وإذا كان الأمر كذلك فالأنهار موجودة في الجنة الآن، وهذان النهران الظاهران (النيل والفرات) يصبان في النيل والفرات في الأرض بكيفية يعلمها الله جل وعلا.

وحقيقة لو أكرمك الله بشرب ماء النيل قبل أن يلوثه أهل الضلال والأباطيل بما سار عليه من مياه المجاري، وكذا الفرات، فأنت لو ذهبت إلى منبع النيل الأصلي لوجدت الماء أحلى وأطيب من العسل، لأنه من أنهار الجنة.

ولا يوجد ماء على وجه الأرض يعدل ماء النيل أو الفرات اللهم إلا ماء زمزم – كما تقدم معنا فإنه أفضل المياه.

وكذا لو ذهبت إلى النهر الثاني (الفرات) وشربت من ذلك الماء الصافي قبل أن يعكر المعكرون لانتعشت انتعاشاً ليس بعده انتعاش.

وهكذا سيحان وجيحان:

هذا ما يتعلق بالمبحث الرابع.

وختام الكلام على الآيات الثلاث التي رآها نبينا عليه الصلاة والسلام معراجه في السموات العلا: رأى الملائكة الكرام – كما تقدم معنا – كما رأى خليل الرحمن إبراهيم وكيف أن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى قيام الساعة.

وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام عن أحوال بعض الملائكة الذين رآهم،؟؟؟؟؟ وأميرهم ورئيسهم هو جبريل عليه الصلاة والسلام – كما أن سيد البشر وأميرهم وأولهم نبينا عليه الصلاة والسلام.

ثبت في مسند البزار ومعجم الطبراني الأوسط بسند رجاله ثقات عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: [مررت ليلة أسري بي بالملأ الأعلى (وهم الملائكة) فإذا جبريل كالحِلْس البالي من خشية الله].

والحِلْس: المتاع والثياب، أي كالمتاع والثياب الممزق الذي مضى عليه وقت كثير من الدهر فبلى.

وهذا هو حال الملائكة الكرام على نبينا وعليهم الصلاة والسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير