القسم الرابع: آخر الآيات وآخر مباحث الإسراء والمعراج:
آيات عظيمة حصلت له بعد رقي السموات
أكرمه الله بعدة أمور منها:
1 - فرض الصلوات الخمس.
2 - مغفرة الكبائر لأمته الذين لا يشركون بالله شيئاً.
3 - خواتيم سورة البقرة.
4 - رؤية الله.
5 - كلام الله.
فهذه آيات حصلت لخير البريات عليه صلوات الله وسلامه فوق السموات (؟؟؟) بعد أن انتهى من السماء السابعة وعُرج به إلى مستوىً سمع فيه صريف الأقلام.
وهذه أعظم الجوائز، وعندما اجتمع الحبيب بحبيبه فيعطيه أحسن التحف وهي الخمسة السابقة.
أولاً: أما الصلوات الخمس:
فقد فرضت في تلك الليلة من رحلته المباركة.
ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يروي لأصحابه حديث الإسراء والمعراج: [ففرض الله علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فمررت فنزلت إلى موسى – وتقدم معنا أن موسى صار في السماء السابعة بعد أن كان في السادسة – فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت خمسين صلاة، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك لا يطيقون ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل قبلك وخبرتهم] أي أنا أعلم الناس بأحوال الناس؟؟؟؟ لن تطيق خمسين صلاة، إذ قد فرض الله على بني إسرائيل صلاتين في الغداء والعشي فما أطاقوها ولا فعلوها، فكيف ستؤدي أمتك خمسين صلاة؟ إنها لن تطيق ذلك.
[قال نبينا عليه الصلاة والسلام: فرجعت إلى ربي فقلت: يا رب خفف عن أمتي، فحط عني خمساً، فرجعت إلى موسى فقلت: حط عني خمساً، قال: فإن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى، حتى قال، يا محمد، إنهن خمس صلواتٌ كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فذلك خمس صلاة (إذن نزل وصعد تسع مرات)، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت عشراً، ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب شيئاً فإن عملها كتبت سيئة واحدة، قال: فنزلت إلى موسى، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف (أي ليخفف من الخمس أيضاً شيئاً) فقلت: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه] وفي رواية البخاري (فقلت: لكن أرضى وأسلم) أي لا أريد أن أرجع إلى ربي مرة عاشرة لأنه راجعه تسع مرات حتى خفف الصلوات إلى خمس.
[فلما جاوزت نادى منادٍ: أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، فهي خمس وفي الأجر خمسون].
هذا هو الحديث الذي يقرر أن الصلوات فرضت في ليلة المعراج فوق السموات العلا بينه وبين ربه جل وعلا، ثم نزل ومر على نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام وهو في السماء السابعة وهذا الحديث عندنا حوله عدة تنبيهات:
أ - ورد في رواية الصحيحين من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [فوضع عني شطرها] وتقدم معنا هنا: أنه وضع عنه خمس صلوات، خمس صلوات حتى خففت إلى خمس ورواية أبي ذر شطرها، والشطر النصف أي خمس وعشرين.
وفي رواية البخاري من حديث مالك بن صعصعة: [فوضع عني عشراً] و؟؟؟؟ وخمساً فكيف نجمع بين هذه الألفاظ؟
نقول لا إشكال على الإطلاق: فالمراد من الشطر إما البعض وهو الخمس وليس النصف الذي هو خمس وعشرين، أو أن المراد منه النصف لكن ليس بمرة واحدة إنما بمرات متعددة فأخبر عن وضع الشطر في خمس مرات كل مرة يضع خمساً وخمساً وخمساً وخمساً فالمجموع خمسة وعشرون وهذا شطر الخمسين. وأما العشر: فالمراد أنه وضعها في مرتين.
لكن الذي وقع حقيقة وضع خمس صلوات في كل مرة، هذا هو الجمع بين هذه الروايات.
ب- تنبيه حول رجوع نبينا عليه الصلاة والسلام إلى ربه:
كيف رجع نبينا عليه الصلاة والسلام إلى ربه يسأله التخفيف في المرات التسع؟؟ ولم يرجع في المرة العاشرة؟
نقول: لعله علم أن الله لما فرض عليه الخمسين لم يفرضها فرض إلزام، فبقي هنالك مجال للمراجعة، فلما وصلت إلى خمس وقد أخبره في المرة الأخيرة أنها خمس في كل يوم وليلة وهي في الأجر خمسون علم أن الأمر صار أمر إلزام وحتم فلا يمكن أن أطلب التخفيف فقال [أرضى وأسلم].
¥