وقد ثبت في سنن الترمذي بسند صحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام قال: [يقول الله: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك .... ] وآخر الحديث هو محل الشاهد: [يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة] أي لو أتيت بما يقارب ملء الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة، وهذا من فضل الله على هذه الأمة، فنسأل الله أن يتوفانا على الإيمان بفضله ورحمته إنه ذو الجلال والإكرام.
وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام في أحاديث صحيحة متواترة أن شفاعته لأهل الكبائر من أمته، والحديث في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وقال: حسن صحيح، ورواه أبو داوود والحاكم وابن حبان وغيرهم عن أنس رضي الله عنه – وهو مروي عن غيره عند غيرهما أيضاً – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي]، فالله سبحانه وتعالى يشفّع نبيه في أهل الكبائر ويقبل شفاعته ويغفر لهم ويرحمهم فهو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين،وهذه أعظم تُحفة حصلت لهذه الأمة في حادث الإسراء والمعراج.
المحاضرة الحادية عشرة: 8/ 4/1412هـ
وعقيدتنا معشر أهل السنة أن أصحاب الكبائر يفوض أمرهم إلى ربنا القاهر فلا نحكم عليهم بنار، ولا ننزلهم جنة، لكن نرجو لهم المغفرة.
هذا إذ لم يتوبوا، فإذا تابوا تاب الله عليهم، ومن يمت ولم يتب من ذنبه، فأمره مفوض لربه، فإن عذبه الله على ذنوبه فهذا عدل، وإن غفر له فهذا فضل، وأفعال الله تدور بين هذين الحكمين عدل، أو فضل، ولا دخل للظلم أو الجور في أفعاله سبحانه وتعالى؛ لأن أفعال الله إما أن تكون عدلاً أو فضلاً أو جوراً، والجور يتنزه الله عنه، يقول تعالى كما في الحديث القدسي [إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا]، ويقول (ولا يظلم ربك أحداً) ويقول (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً)، فبقي العدل والفضل فمن عذبه فبعدله، ومن غفر له وأدخله الجنة فبفضله سبحان الله.
وهذا فيه رد على الفرق الضالة من الخوارج والمعتزلة الذين يخلدون فاعل الكبيرة في النار وكذلك فيه رد على فرقة الإباضية بزعامة مفتي عمان في هذه الأيام أحمد الخليلي، فإن هذا يرد على الخوارج الذين يكفرون فاعل الكبيرة – مع أن الإباضية فرقة من الخوارج، لكن يقول: هم مخلدون في النار وليسوا بكفار، فمن فعل كبيرة من زناً أو سرقة أو شرب خمر فهو مخلد في النار لكن – كما يقول – ليس بكافر ثم يقول وقد أخطأت الخوارج بتكفيره.
نقول له: ما الفارق بين قولك وقول الخوارج في النهاية والآخرة، هل يوجد هناك فرق؟
لا يوجد فارق أبداً، فالخوارج قالوا: يخلد فاعل الكبيرة في النار، وأنت تقول إنه يخلد في النار فما الفرق إذن؟!!
لكن الخوارج أجرأ منك على الباطل فقالوا: هو في الدنيا كافر، أما أنت فتذبذبت وقلت إنه مؤمن.
فنقول لك: إذا كان مؤمناً فكيف ستخلده في نار جهنم مع فرعون وأبي لهب وأبي جهل؟!! إن هذا لهو الضلال بعينه.
وقد نشر في هذا الوقت كتاباً سماه (الحق الدامغ)، وكله باطل ليس فيه حق، أراد أن يقرر فيه ثلاث مسائل فحشاها ضلالاً وباطلاً:
1 - نفي رؤية الله في الآخرة، ومن قال بالرؤية فهو ضال!!
2 - كلام الله مخلوق.
3 - أهل الكبائر مخلدون في نار جهنم.
وقد ضلَّ في هذه المسائل الثلاثة وحرف الكلام عن مواضعه، وافترى على الشريعة المطهرة، وهذا الكتاب الذي ألفه، سبقه إلى تأليف مثله زنديق ضال خبيث حيث ألف كتاباً سماه (الدامغ) ومؤلفه هو أحمد بن يحيى الرواندي المتوفى سنة 298هـ، يقول الحافظ ابن حجر في لسان الميزان في ترجمته ألف كتاب الدامغ ليرد به على القرآن ويبين – على زعمه – تناقضه – ثم قال: أجاد الذهبي في حذفه فلم يذكره في ميزانه، وإنما ذكرته لألعنه.
فهذا ألف الحق الدامغ في هذا العصر، ونحن نقول له: إنك تتحلى - أو تتقبح – بقبائح مستعارة فهذا العنوان سبقك إليه زنديق ضال. فذاك ألف الدامغ ليدمغ به القرآن على زعمه.
وهذا – الخليلي – ألف الدامغ ليدمغ به عقيدة أهل السنة والجماعة، فانتبهوا لهذا!!.
¥