تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[آيات عظيمة فيها بيان أحوال من بعض الطوائف العصرية المخالفة]

ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[20 - 02 - 09, 12:28 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه ومن اتبع هداه أما بعد:

فإن الله تعالى أنزل كتابه بالحق والصدق والعدل , فيه أخبار ما مضى وأنباء ما سيأتي , وما من خير إلا دل عليه ولا شر إلا حذر منه.

وبينما أنا أقر في هذا النور المبين مررت بآيات كريمات من سورة البقرة فتأملتها وقارنتها بأحوال طوائف في هذا العصر قد تنكبت الصراط المستقيم , وانحرفت عن المنهج القويم , وهي حثالة تلقفت زبالات أفكار الكفار والمنافقين وزوقتها وأرادت نشرها وبثها بين المسلمين.

وأريد بذلك أن ألفت الانتباه إلى هذه الآيات العظيمة وغيرها من الآيات, ولو تتبعنا القرآن الكريم لوجدنا الكثير من الآيات التي تدور في فلك هذا الموضوع.

يقول الله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} وهم الآن يُصَدَّرُون في المجالس وفي المؤتمرات والاجتماعات ويعطون الأولوية في الحديث وإدلاء الآراء , وتخصص لهم اللقاءات في القنوات , و يرحب بهم في صفحات الجرائد والمجلات , وتجدهم في كل ذلك يكثرون من التنمُّر بالمصطلحات مع البهرجة والانتفاخ , ويلوكون الألفاظ الأجنبية ترفعاً وعلواً فيعجب لهم الجاهل ويظن أن الحق ما ينطق به هؤلاء.

{ويشهد الله على ما في قلبه} فتجده يزعم أنه بذلك مريد لتطوير المجتمع و الرقي به , ويكثر من زعمه محبة هذا الدين وإرادة الخير لأهله , فيعجب السامع لهم ويصغي إليهم , ولكنه في الحقيقة هو {ألد الخصام} لهذا الدين ولأتباعه وأشد عداوةً للمؤمنين المتمسكين بالوحيين , وحباً في سلخ عقيدة أتباعه وإبدالها بما يمليه عليهم رؤساؤهم وأتباعهم.

{وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها} عقائد المؤمنين ويبطل ثوابت الدين {ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} وهل هناك فساد أعظم من إفساد العقيدة؟!

وإن إفساد العقيدة لهو السبيل الأعظم لإفساد الحرث والنسل.

{وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم} سبحان الله ولا إله إلا الله

تأمل ردة فعل هؤلاء القوم إذا ذكِّروا بالله وخوفوا من أليم عقابه! ماذا يقولون؟

تأخذهم العزة بالإثم , ولا يقبل كثير منهم نصحاً ولا وعظاً , بل يتندرون بمن يعظهم و تكون أعذارهم:

نحن مواطنون ونحن عرب ونحن مسلمون ولكنا نريد التطوير ونريد الانفتاح على العالم ونريد الخير لكم ونياتنا حسنة , إلى غير ذلك من الأعذار الواهية , ثم يقولون: أنتم تريدون الرجوع بنا إلى الوراء , إلى القرون الوسطى إلى التخلف والرجعية زعموا.

ثم جاءت الآيات العظيمة في ذكر أهل الدين والصلاح وأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين تتوقد قلوبهم غيرة على هذا الدين:

{ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} ولا يخافون في الله لومة لائم {والله رؤوف بالعباد} بأن جعل فيهم من يقيم الحجة على العباد بتبليغ رسالات رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , و رؤوف بالعباد بما شرع من شرائع وحد من حدود فما شرع شيئاً إلا لحكمة عظيمة , فلا اعتراض على شرعه ولا اعتراض على قضائه وقدره.

ثم نادى الله نداء يأمر فيه بالدخول في شرع الله جميعاً والتسليم لله في كل ما أمر ونهى , فلا اعتراض ولا ضرب للأمثال

{يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة} ولا تكونوا كالذين آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض , كما يريد منكم هؤلاء , فهم يختارون من الدين ما يعجبهم ويردون ما لا يوافق أهواءهم , ويعترضون على شرع الله بتفاهات عقولهم وما تمليه عليه شياطينهم {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} فتضلوا باتباعها وبسماع ما يقوله هؤلاء {إنه لكم عدو مبين}.

ثم توعد الله تعالى من لا يدخل في السلم كافةً فقال: {فإن زللتم من بعد ماجاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم}

وهذا وعيد عظيم لمن حصل منه الزلل بعد العلم وقيام الحجة عليه , فتوعد الله العزيز بأن يأخذ هؤلاء بعزته ويحكم فيهم بحكمه وحكمته.

ثم أتبع ذلك بوعيد آخر تنخلع منه القلوب انخلاعاً: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور}

ثم عرَّض بالفرق التي اتبعوها وتلقفوا ما عندها , وهذه الفرق ذات غرور وتمادٍ في الكفر وقلة انتفاع بالآيات البينات التي قد علموها ولم يعملوا بها.

{سل بني سَلْ بَنِي إِسْرائيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}

و نعمة الإيمان والإسلام وسلوك صراط الله المستقيم من أعظم النعم وأكرمها وأشرفها , فمن بدلها واشترى بها غيرها فقد تعرض لعقاب الله الشديد.

وتجد هؤلاء الطوائف يتتبعون الكفار في كل ما يأتون به و ينخدعون بما هم عليه من أمور الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة , فيبين الله في هذه الآيات أن هؤلاء الكفار الذين تتبعونهم قد زينت لهم الحياة الدنيا وكانت غروراً لهم.

{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا , وَ} هؤلاء الكفار {يَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} , ويتهمونهم بالتخلف والرجعية وأن سبب تخلفهم هو دينهم الذي يتبعونه , وكذلك أتباع الكفار الذي يسلكون سبيلهم يقولون مثل قولهم تشابهت قلوبهم

ولكن الله أخبر بأن المتقين والمؤمنين فوقهم يوم القيامة , وهذا هو الفوز العظيم الذي لا يعادله فوز.

{وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} , وخير الرزق هو ما يحصل للقلوب من الإيمان بالله والإنس به وتصديق ذلك بالأقوال والأفعال , وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير