تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وليبرالية ابتدعوها ـ مقال لشيخنا بدر بن طامي العتيبي]

ـ[أبو الحجاج علاوي]ــــــــ[24 - 02 - 09, 03:17 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وليبرالية ابتدعوها

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فلا يخفى على من لديه أدنى نظر واطلاع على ما في الساحة الإعلامية من حملة ليبرالية إلحادية تنادى إلى الانسلاخ من سائر الثوابت الشرعية والأخلاقية وإن ركزت الجهد على بعض تلك الثوابت، إلا أن ما أباح لهم الكلام في أصلٍ لن يمنعهم الكلام في آخر، ولهذا من تتبع مقالاتهم، ورواياتهم، ومداخلاتهم المكتوبة والمقروءة رأى تتابع خرز عقائدهم من سيءٍ إلى أسوأ، ومن خوض في أبواب الآداب ثم عموم الأحكام ثم خصوص الأحكام ثم العقائد.

وفي مقالٍ لي سابق كتبته معارضة للقاء تلفازي لبعض رموز هذا الفكر المنحرف عنوانه (ولقد مضى مثل الأولين) ذكرتُ ما يخدّر جهود القوم، ويفسد مخططاتهم، ويبطل كيدهم، ويفتك قوة عزمهم، بأن هذا الدين العظيم عمره 1430 سنة!!، وأصوله تعود من حين خُلِق أبونا آدم، ونحن في صلبه عليه السلام: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الرُّوم:30).

ولمثل هذا يقال ما قال الله تعالى في أسلافهم المنافقين (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ) (البقرة:11 - 12).

فدين عمره هذا العمر المديد، ومجده هذا المجد التليد، وأصوله بهذه القوة من الثبات، لن يستطيع أقماع القول، وعصارة الغربية المعاصرة أن يزيلوا هذه الثوابت بمقال في صحيفة، أو لقاء في قناة، أو رواية تذهب أدراج الرياح مع كل نهيق ونباح، لا يعدو أن تُكَدَّر مسامع الطاهرين بها لحظة من الزمن ثم يصفو الجو من كدر أولئك النتنى.

دعونا من السعودية يا ليبرالية الشر!.

وانظروا إلى التوجه الديني في العالم أجمع ولا أخص الإسلامي من غيره!، فسيرى من لديه أدنى مسكة من عقل أن الناس قد عرفوا زيف الحضارة – عفواً - الخسارة الغربية في إنجاح الحياة المدنية، ودعاوى تحقيق حقوق المرأة، فها هي الشعوب تخرج بالملايين تطالب بتحكيم الشريعة، وتحاسب الحكومات على تطبيق الكتاب والسنة، وتحيي روح مفاصلة المشركين، بل وجهادهم، وتعود المرأة بكامل قواها الفكرية الحرة إلى لبس الحجاب، ونبذ الاختلاط، والاتجاه إلى مهمتها الأنثوية العادلة.

قال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ) (الأعراف:56)، فتأكد لدى الشعوب مسلمهم وكافره أن الحياة المدنيّة التي يدعو إليها أعداء الفضيلة، ما هي إلا شعارات زائفة، دعا إليها سخفاء العقول في فترة سُكْرِهم بحب الحياة الغربية المزيفة.

والليبرالية العربية ترسم أفكارها على سطح من ماء، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله تعالى، فمع جهودهم المتهالكة يوماً بعد يوم للتغريب الهابط إلا أن الشعوب العربية لا تسكن لتوجهاتهم، ولا تميل لرغباتهم، ولن نذهب إلى أقاصي البلدان العربية المتأثرة بثقافات الجوار، ولن ندخل في حصن بلاد الحرمين، وإنما نتجه إلى دول الخليج العربي كأقرب مثال، وأبسط حجة تدمغ الليبرالي المنتفخ على أمِّ رأسه، فمع ما عند تلك الدول من الحرية المزعومة، ومن رفع إقامة الحدود الشرعية على كلّ مارق زنديق تطاول على ثوابت الشريعة، إلا أن الجلّ السائد يتمتع بالتمسك بصالح عادات الآباء والمشايخ، فكيف بصادق ثوابت الشريعة من التي تتسابق أفئدتهم إليها؟!.

والليبرالية السعودية وصف حالها يُضحك الثكلى مع مصابها عندما تتصور حقيقته!، وكيف يطيرون مع الرياح، ويخفقون مع كلّ ذي جناح، (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (المنافقون:4).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير