تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا نظرنا للسيد المسيح ـ عليه السلام ـ من الناحية التاريخية ... إذا استدعينا شهادةَ المؤرخين الذين كتبوا التاريخ في عصره، إذا بحثنا عن الروايات المتواترة أو غير المتواتر المنقولة مشافهةً من جيلٍ لجيلٍ تحكي شيئاً عن حياة المسيح ـ عليه السلام ـ فلن نجد شيئاً مذكوراً. وهذا قول علماء (الأديان)، وكتاب النصارى الذي بين أيديهم لا يثبت للنقد التاريخي، ولا يمكن الاعتماد عليه كمصدر من مصادر التاريخ [17].

ما شأن عباس العقَّاد بهذا؟!

بلا داعي وبلا هدفٍ واضح حَشَرَ العقّادُ نفسه مدافعاً عن عقيدة النصارى، يدافع عن هذا التطابق بين الوثنية وبين النصرانية .. يدافع عن كتاب النصارى ويقول يصح الاعتماد عليه!!

وليته وهو الباحث .. وهو المفكر .. وهو المثقف .. وهو (العملاق) ـ زعموا ـ قدَّم أدلةً على ذلك، وإنما دافع بالجلبة والصياح وذر تراب البيان في عيون القراء، وهذا ما في جعبة العقاد ليس إلا.

يقول ـ وهو يرد التطابق الحاصل بين النصرانية والوثنية ـ، أن هذا التطابق من قبيل ما يفعله المتصوفة من نسبة كل الكرامات إلى من يحبون من الأولياء!، ومن قبيل خلع كل ما قيل في الكرماء على من عرف بالكرم.!

أي: وكأن المسيح ـ عليه السلام ـ بما افتراه عليه بولس اليهودي كان هو الأول ثم جاءت الديانات الوثنية متأخرة فقال كُهَّانها وعبَّادها على أربابها ما قاله بولس اليهودي على المسيح ـ عليه السلام ـ.

يضحك علينا العقَّاد. ويستخف بعقولنا.!!

الوثنية سابقة والنصرانية لاحقة .. النصارى هم الذين نقلوا ما قاله الوثنيون. وليس العكس كما يدعي العقاد.!!

وعند التحقيق نجد أن الشيطان هو صاحب هذا الفكر (الفداء والصلب)، ولذا تجد نفس الكلام موجود عند عددٍ من أهل الشرك في جنبات المعمورة على أنهم لم يتواصلوا فيما بينهم.

الشيطان هو الذي صحبَ بولس وأوحى إليه [18] بهذه الأفكار المكرورة.

كل هذه الأفكار من رأس إبليس أو أحد أبنائه، فقوم نوح ـ عليه السلام ـ جاءهم إبليس وصور لهم الصالحين ثم نحت مثل الصور أصناماً ثم عبدوها، وعمرو بن لحي جاءه إبليس ودلَّه على الأصنام التي كانت في جده وأمره بإخراجها ورسم له الخطة ونفذها عمرو، وحين تتدبر (آلهة) العرب، و (آلهة) الفراعنة، و (آلهة) الدول التي قامت في العراق والشام .. الآشوريين والكلدانيين والبابليين والنبط، و (آلهة) اليونان، و (آلهة) الهند والصين واليابان تجد كلها متشابهة، الأفكار والأسماء وكل شيء تقريباً، مما يدلك على أنها خرجت من رأسٍ واحدة هي رأس إبليس إمام الضالين [19]، حتى هذا العقَّاد ذكر في ثنايا كلامه مرة أن العزى هي إيزيس، والتفاصيل عند جواد علي في كتابه (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) وهو موجود موافق للمطبوع في الشاملة.

ولا أدري من أين أتاه أن كل محبٍ يخلع على محبوبه كل صفات المدح وينسب إليه كل كرائم الممدوحين؟! ولا أدري من أين أتاه أن كلَّ كريمٍ ينسب إليه كل مناقب الكرماء؟!

العقاد في وضع محرج .. وهكذا مواقفه كلها .. يبحث عن الغريب الشاذ جداً ويحسب أن الجعجعة والصياح تنفعه.

يدافع عن وثنية النصرانية؟!!

وبلا دليل .. بأباطيل كالتي يفتريها بطرس وأمثاله؟!!

وتدبر هذه. يقول: ـ وهو يرد على إنكار علماء مقارنة الأديان لوجود المسيح عليه السلام ـ أن ذلك من نشوة العلم الجديد .. يقول: كان علم الأديان جديداً فأخذته النشوة فعمد إلى الغريب كي يلتفت الناس إليه ..

بالله هذا رد؟!

والعجيب أنه في مكان آخر (رسالة الله) مسالمٌ ودودٌ لعلم مقارنة الأديان ينقل عنهم ويناقشهم.!!

ثم هو يعترف أن المصادر التاريخية خلية من ذكر المسيح ـ عليه السلام ـ، وأن لا دليل فيها على وجود المسيح.!!

أرأيتم أعوجَ من العقاد في تعاطيه للمسائل؟!!

وليس فقط عوج، بل الرجل مُغيَّب عن الشريعة التي يزعمون أنه يدافع عنها، فلم يتكلم أن القرآن شهد بوجود المسيح ـ عليه السلام ـ وإنما عقله وتركيزه فقط في المصادر النصرانية، وهذه من الأمارات التي نعرفها فيه دائماً.ثم يقولون كان مدافعاً عن الإسلام!!

وبعد:ـ

أردت من المبحث أن أبين لكم أين يقف العقاد؟ .. عن من يدافع العقاد؟

إنه يدافع عن وثنية النصرانية!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير