{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} آل عمران110
المثال السادس، أدلل به على أن العقاد يدافع عن النصرانية .. وعلى أن العقاد سطحي في تفكيره لا يملك غير البيان والاستخفاف: يحصر الخلاف في تعاليم المسيح ـ عليه السلام ـ بين أتباعه في الالتزام الحرفي أم الالتزام بالمعنى، ويضرب مثالاً من اختصي ومن تقشف حتى أكله الدود، ويقول ليس ثم خلاف (12) [31].
وهو كاذب، فالقوم ليس بينهم اتفاق في أي شيء.واختلاف تضاد لا اختلاف تنوع، وفي العقيدة لا في الشعائر، مختلفون في كل شيء. في المسيح ـ عليه السلام ـ (إلههم) بزعمهم، وفي أمه مريم عليه السلام ـ وفي الفداء لمن يكون؟ وفي الشعائر التي يؤدونها في كنائسهم .. في كل شيء.
وقد بقى مما أعددته لهذا المقال ثمان ورقات، منها مثلاً أن العقاد في مكانٍ يقول بأن كتبت الأناجيل هم الحواريون (13) [32] وفي مكان آخر يعترف بأن مرقص ولوقا ليسوا من الحواريين، وفي مكان يقول التلاميذ اثنا عشر وفي مكان يقول ثمانين، وفي مكان يقول مات المسيح وخلفه صفوف كثيرة من الأتباع ... الخ هذا التضارب واللخبطة في الكلام.
ما أردت أن أطيل فقصدي فقط التمثيل للتدليل على تلك الأباطيل التي يلقي بها العقاد.
ها هو العقاد يستميت دفاعاً عن كتاب النصارى، وما ورد فيه، ويدافع بلا حق. أليس لأحدنا أن يستدل بهذه الأمثلة على أن العقاد كان نصرانياً؟
لا داعي للعجلة قد بقى مقال آتي فيه على رأي العقاد في قضية الصلب المزعومة وشخص المسيح ـ عليه السلام ـ ثم بعد ذلك نجيب سوياً إن شاء الله وقدر.
المبحث الرابع
موقف عباس العقاد من قضية صلب المسيح
النصارى يقولون بأن المسيح ـ عليه السلام ـ قبض عليه بعد أن خانه أحد تلاميذه (يهوذا الإسخريوطي)، وسيق مقيداً في أغلاله، يُبصق في وجهه، ويُصفع على قفاه، ويستهزئ به، ثم حاكموه، وصلبوه وقتلوه على الصليب. هذا ما يقوله النصارى في قضية الصلب، ويقولون أن كل ذلك تم من أجل افتداء الناس من الخطيئة!!.
وقضية الصلب التي يتكلم عنها النصارى تواجه عدداً من المشاكل التي لا يوجد لها حل إلى الآن.
ـ منها: أن الخطيئة يقولون عنها لا محدودة وتحتاج إلى فداء لا محدود .. تحتاج أن يموت (الله) كي يكفر عن خطايا البشر، إذاً كي يتم الفداء لا بد أن يموت (الله). فهم بين أمرين إما أن يقولوا ما مات الله، وبهذا تكون عقيدتهم فاسدة لأن الفداء لم يتم، أو يقولون مات الله، وهو قول لا يُقبل، ولا يرتضونه هم أنفسم.! ولذا لم تذهب حيرتهم إلى الآن.
ـ ومنها أن قضية الصلب من أجل الفداء على الصورة التي يتكلم عنها النصارى تكررت من قبل كثيراً. وقد سبق بيان ذلك.
ـ ومنها أن المسيح ـ عليه السلام ـ لم يتكلم عن الفداء، ولا عن أن النجاة بالإيمان، وإنما بالأعمال .. كل ذلك جاء بعد رفع المسيح ـ عليه السلام ـ بقرون.
ـ وأكبر التحديات التي تواجه قضية الفداء والصلب هو إنكار العليم الخبير لها في كتابه المجيد، قال تعالى {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً. وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} النساء157} النساء156
نطرح على العقَّاد هذا السؤال: هل قبض على المسيح؟ وحوكم؟ ثم صلب؟ كما حاولوا أن يقولوا بذلك في كتابهم؟ أم أنهم ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم كما يذكر القرآن العظيم؟
العقاد محتار لا يعرف إجابة؟!!
إي والله. هذا (المسلم) محتار!!
يقول في كلامه عن الصلب وهو في آخر كتابه ـ حياة المسيح أو عبقرية المسيح حسب الطبعة الأولى ـ: (ففي حادثة الاعتقال لا يدري متتبع الحوادث من اعتقله ومن دل عليه وهل كان معروفاً من زياراته للهيكل أو كان مجهولاً لا يهتدى إليه بغير دليل)
¥