تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسلم ونبوة من قبله إذا كان إحياء الموتى مختصا بالأنبياء وأتباعهم وكذلك ما يفعله الله من الآيات والعقوبات بمكذبي الرسل كتغريق فرعون وإهلاك قوم عاد بالريح الصرصر العاتية وإهلاك قوم صالح بالصيحة وأمثال ذلك فإن هذا جنس لم يعذب به إلا من كذب الرسل فهو دليل على صدق الرسل وقد يميت الله بعض الناس بأنواع معتادة من البأس كالطواعين ونحوها لكن هذا معتاد لغير مكذبي الرسل أما ما عذب الله به مكذبي الرسل فمختص بهم ولهذا كان من آيات الله كما قال {وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} وكذلك ما يحدثه من أشراط الساعة كظهور الدجال ويأجوج ومأجوج وظهور الدابة وطلوع الشمس من مغربها بل والنفخ في الصور وغير ذلك هو من آيات الأنبياء فإنهم أخبروا به قبل أن يكون فكذبهم المكذبون فإذا ظهر بعد مئين أو ألوف من السنين كما أخبروا به كان هذا من آيات صدقهم ولم يكن هذا إلا لنبي أو لمن يخبر عن نبي والخبر عن النبي هو خبر النبي ولهذا كان وجود ما أخبر به الرسول من المستقبلات من آيات نبوته إذا ظهر المخبر به كما كان أخبر فيما مضى عرف صدقه فيما أخبر به إذ كان هذا وهذا لا يمكن أن يخبر به إلا نبي أو من أخذ عن نبي وهو لم يأخذ عن أحد من الانبياء شيئا فدل على نبوته.

النبوات (1

496)

ز- المعجزة لا تظهر على يد الكذاب

قال شيخ الإسلام: والتحقيق أن إظهار المعجزات الدالة على صدق الأنبياء على يد الكاذب لا يجوز لكن قيل لامتناع ذلك في نفسه كما قاله الأشعري وقيل لأن ذلك يمتنع في حكمة الرب وعدله وهذا أصح فانه قادر على ذلك لكن لو فعله بطلت دلالة المعجز على الصدق.

النبوات (1

551)

س- الفروق بين آيات الأنبياء وغيرهم وبينها وبين غيرها من الفروق مالا يكاد يحصى منها:

الأول: أن النبي صادق فيما يخبر به عن الكتب لا يكذب قط ومن خالفهم من السحرة والكهان لا بد أن يكذب كما قال {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم}.

الثاني: من جهة ما يأمر به هذا ويفعله ومن جهة ما يأمر به هذا ويفعله فان الأنبياء لا يأمرون إلا بالعدل وطلب الآخرة وعبادة الله وحده وأعمالهم البر والتقوى ومخالفوهم يأمرون بالشرك والظلم ويعظمون الدنيا وفي أعمالهم الإثم والعدوان.

الثالث: أن السحر والكهانة ونحوهما أمور معتادة معروفة لأصحابها ليست خارقة لعادتهم وآيات الأنبياء لا تكون إلا لهم ولمن اتبعهم.

الرابع: أن الكهانة والسحر يناله الإنسان بتعلمه وسعيه واكتسابه وهذا مجرب عند الناس بخلاف النبوة فانه لا ينالها أحد باكتسابه.

الخامس: أن النبوة لو قدر أنها تنال بالكسب فإنما تنال بالأعمال الصالحة والصدق والعدل والتوحيد لا تحصل مع الكذب على من دون الله فضلا عن أن تحصل مع الكذب على الله فالطريق الذي تحصل به لو حصلت بالكسب مستلزم للصدق على الله فيما يخبر به.

السادس: أن ما يأتي به الكهان والسحرة لا يخرج عن كونه مقدور للجن والإنس وهم مأمورون بطاعة الرسل وآيات الرسل لا يقدر عليها لا جن ولا إنس بل هي خارقة لعادة كل من أرسل النبي إليه {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}.

السابع: أن هذه يمكن أن تعارض بمثلها وآيات الأنبياء لا يمكن أحدا أن يعارضها بمثلها.

الثامن: أن تلك ليست خارقة لعادات بني آدم بل كل ضرب منها معتاد لطائفة غير الأنبياء فليست معتادة لغير الصادقين على الله ولمن صدقهم.

التاسع: أن هذه لا يقدر عليها مخلوق لا الملائكة ولا غيرهم كإنزال القرآن وتكليم موسى وتلك تقدر عليها الجن والشياطين.

العاشر: أنه إذا كان من الآيات ما يقدر عليه الملائكة فان الملائكة لا تكذب على الله ولا تقول لبشر إن الله أرسلك ولم يرسله وإنما يفعل ذلك الشياطين والكرامات معتادة في الصالحين منا ومن قبلنا ليست خارقة لعادة الصالحين وهذه تنال بالصلاح بدعائهم وعبادتهم ومعجزات الأنبياء لا تنال بذلك ولو طلبها الناس حتى يأذن الله فيها {قل إنما الآيات عند الله} {قل إن الله قادر على أن ينزل آية}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير