[زندقة ولا مهدي لها]
ـ[آبو ريّان الفيفي]ــــــــ[26 - 02 - 09, 05:46 م]ـ
د. عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف
إن كفر اليهود والنصارى ونحوهم من المشركين من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة سواءً كانوا محاربين أم لا كما قال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (المائدة:73)، وقال سبحانه: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (التوبة:30)، وقال سبحانه: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (البينة:1).
قال ابن حزم: "واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفاراً" مراتب الإجماع119، وقال القاضي عياض: "ولهذا نكفّر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، أو شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام واعتقده" الشفا2/ 1071، وقال شيخ الإسلام "ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوّغ اتباع غير دين الإسلام، أو ااتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر" مجموع الفتاوى 28/ 524
وقررت النصوص الصحيحة الصريحة وجوب الكفر بالطاغوت كما في قوله تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) (البقرة: من الآية256)، وقال عز وجل: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36)، وقال سبحانه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ... ) (النساء: من الآية60).
وعن أبي مالك الأشجعي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل" أخرجه مسلم.
أفيسوغ بعد هذه النصوص أن يتفوّه بعض المفتونين المتهوكين فيزعم أنه لا يكفر اليهود والنصارى وسائر المشركين إلا من كان محارباً. أو يهذي الآخر قائلاً: إن الكفر بالطاغوت تشويه للتوحيد!!
وإن ما حرره الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك رفع الله قدره في فتواه "حكم من لم يكفّر الخارجين عن شريعة الإسلام" لهو أمر ظاهر بيّن لا نزاع في تقريره: إذ قد بيّن الحكم االصحيح في هذه المسألة مقروناً بالدليل الصريح، فهي فتوى محكمة في مضمونها، واضحة في أسلوبها، فلا مُسوّغ لاستدراك أو تعقيب.
فمن تلبّس بناقض من نواقض الإسلام، وقامت عليه الحجة واجتمعت فيه الشروط وانتفت الموانع فإنه كافر يجب قتله مرتداً عن الإسلام، فالمبيح لدمه هو الكفر بعد الإٍيمان وكما هو مبسوط في موضعه من كتب الاعتقاد والفقه، ولا يزال ولاة الأمور من العلماء والحكام قديماً وحديثاً يقررون ذلك علماً، ويحققونه عملاً، قال الحافظ ابن كثير في حوادث سنة 167هـ " وفيها تتبع المهدي [الخليفة العباسي] جماعة من الزنادقة في سائر الآفاق فاستحضرهم وقتلهم صبراً بين يديه" االبداية 10/ 149
وقال القاضي عياض: "وأجمع فقهاء بغداد أيام المقتدر من المالكية على قتل الحلاج وصلبه لدعواه الإلهية والقول بالحلول، وقوله أنا الحق، مع تمسكه في الظاهر بالشريعة، ولم يقبلوا توبته" الشفا 2/ 1091
ومن أخبار المرتدين ما سجله الحافظ ابن كثير في حوادث سنة 726هـ "حيث ضُربت عنق ناصر بن الشرف الهيشي على كفره واستهانته بآيات الله وصحبته الزنادقة.، قال البرازلي: وربما زاد هذا المذكور المضروب العنق عليهم ـ أي الزنادقة ـ. بالكفر والتلاعب بدين الإسلام والاستهانة بالنبوة والقرآن.
¥