تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والذي نعرفه أن الإنسان الأول هو أدام ـ عليه السلام ـ خلقه الله بيده {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ} ص75،? ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ? السجدة:9، وعلم الله آدم الأسماء كلها {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {31} قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {32} قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ {33}} البقرة31، واصطفاه الله من خلقه، قال تعالى: ? إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} آل عمران33، فكان نبياً ولم يكن همجياً مشركاً كما يفتري عباس العقاد، في الحديث عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: (قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَيُّ الْأَنْبِيَاءِ كَانَ أَوَّلَ قَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوَنَبِيٌّ كَانَ آدَمُ قَالَ نَعَمْ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ رُوحَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا آدَمُ قُبْلًا) (4)

هذا هو الإنسان الأول:خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وعلمه حتى فاق الملائكة فيما يخصه ـ عليه السلام ـ ثم اصطفاه على العالمين فكان نبياً مكلماً، والعقاد يقول همجيٌ .. مشركٌ .. !!

كأن العقاد لم يقرأ كتاب الله، أو كأن العقاد لا يصدق ما يُتلى في كتاب الله!!

وبعد هذه المقدمة التي يقرر فيها عباس العقاد أن الإنسان الأول كان همجياً مشركاً يبحث عن التوحيد كيف اهتدت إليه البشرية؟، أو كيف تعرفت البشرية على التوحيد؟. . يناقش عباس العقاد بواعث الدين .. هل هي (الأسطورة) أو (ملكة الاستحياء) أو (السحر)، أو هل نشأت العقيدة من (إحساس الإنسان بالضعف) أم أنها (ظاهرة اجتماعية) .. أو (حالة مرضية) أو (خليط من الجماعية والفردية)، كما يزعم أهل الفلسفة؟!!

ثم يرفض أن ينفرد أيٌّ من هذه التعليلات، ويعطي تفسيراً آخر، يقول بأن منشأ العقيدة عند البشر يتعلق بما أسماه (الوعي الكوني) (5)، ويعرفه بأنه الحواس النفسية عند الإنسان، يقول بأن (الوعي الكوني) ملكة قابلة للترقي، ويسند إليها منشأ العقيدة، ويقول بأن ذلك (حقيقة يستلزمها العقل ويؤكده المشاهد في كل زمن وفي كل موطن وفي كل قبيل)!!

و (الوعي الكوني) غير (العقل) عند عباس العقَّاد، يُفرِّق بينهما بأن أحدهما (الوعي) أشمل من الآخر (العقل)، وأن (الوعي الكوني المركب في طبيعة الإنسان هو مصدر الإيمان بوجود الحقيقة الكبرى التي تحيط بكل موجود) ويعني بالحقيقة الكبرى التي تحيط بكل موجود يعني بها الله جل جلاله، ويقول: (ونحن إذا رجعنا إلى تاريخ الإيمان في بني الإنسان وجدنا أن اعتماده على (الوعي) الكوني أعظم جدا من اعتماده على القضايا المنطقية والبراهين العقلية، وأنه أقوى جداً من كل يقين يتأتى من جانب التحليل والتقسيم) ويقول: (البراهين جميعاً لا تغني عن الوعي الكوني في مقاربة الإيمان بالله والشعور بالعقيدة الدينية). ويقول: (وجعل الهدى من الله ولكنه من طريق العقل والإلهام بالصواب)

هذا هو مصدر الإيمان عند العقاد .. (الوعي الكوني).

و (الوعي الكوني) الذي يتكلم عنه العقاد هو (العبقرية) في استعمال العقاد، فحالَ حديثه عن الصوفية في كتاب (الله) أعطي وصف العبقرية الدينية للمتصوفة، فالصوفية عنده هي العبقرية الدينية، وما ذاك إلا لأن هؤلاء المتصوفة نمى عندهم (الوعي الكوني) فانكشف لهم ما وراء الحجب فعلموا الحقيقة المطلقة. ويضرب الأمثال بالحلاج وبن عربي والعدوية (6)!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير