تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذه الأقوال متضاربة فالسمعاني والزبيدي وابن الأثير جزموا بولائه لسويد بن غفلة بن عوسجة الجعفي. والجعفي: بطن من سعد العشيرة، من القحطانية وهذا يتعارض مع ما ذكره ابن كثير ولم يجزم به والثعالبي حيث قالا: (ويقال إنه من بني مروان) وكذا قول ابن نباتة إنه مولى بني الحكم.

ولعل الصواب الذي يترجح عندي ما ذكره السمعاني والزبيدي وابن الأثير، فهم أدرى بهذا الجانب وعنايتهم به أكبر وقد جزموا بنسبته إلى سويد بن غفلة.

ويساورني الشك أن هناك تصحيفاً في كلام ابن كثير في البداية، عند قوله: (بني مروان) فلعل الصواب (بني مران) بدون واو، ولو كان الأمر كذلك فإن الأقوال تجتمع (فبنوا مران) بطن من جعفي، من سعد العشيرة والله أعلم بالصواب

أصول الجعد

هناك معلومة ذكرها ابن نباتة إن صحت فإن فيها إشارة إلى أصول الجعد العرقية التي يرجع إليها.

قال ابن نباتة: (ويروى أن أم مروان كانت أمة، وكان الجعد أخاها) فهذه المعلومة إن ثبتت فإنها تفيد أن الجعد يرجع في نسبه إلى أصول كردية. لأن أم مروان بن محمد كانت أم ولد كردية كما ذكر ذلك غير واحد من المؤرخين.

قال الطبري وابن الأثير في ترجمة مروان بن محمد: (وكانت أمه أم ولد كردية، كانت لإبراهيم ابن الأشتر أخذها محمد بن مروان يوم قتل إبراهيم فولدت مروان)

وقال ابن كثير: (وأمه أمة كردية يقال لها لبابة، وكانت لإبراهيم ابن الأشتر النخعي، أخذها محمد بن مروان يوم قتله، فاستولدها مروان هذا، ويقال إنها كانت لمصعب بن الزبير) وقال البلاذري: (وأمه كردية أخذها أبوه من عسكر ابن الأشتر، فيقال إنه أخذها وبها حَبَل فولدت مروان على فراشه)

وقال القلقشندي: (وأمه لبابة جارية إبراهيم بن الأشتر وكانت كردية)

ولكن ابن كثير يرى أن الجعد بن درهم يرجع إلى أصول فارسية حيث قال: "وأصله من خراسان" دون أن يذكر اسم المدينة التي ينتسب إليها. ويدعم هذا الرأي حادثة وقعت للجعد انتصر فيها لفارسيته.

قال ابن الأثير: (وقيل إن الجعد كان زنديقاً وعظه ميمون بن مهران (117هـ). فقال: "لشاة قباذ" أحب إلى مما تدين له) فكلمة "شاة قباذ" كلمة فارسية فـ"شاة": معناها "ملك" و"قُباذ": ملك من ملوك الفرس وهو قباذ بن فيروز والد كسرى أنوشروان.

معنى كلامه للملك قباذ أحب إلى من دين الإسلام. وفي هذا انتصار واضح للمجوسية الفارسية.

وعلى كل حال فإن الرجل ثبتت أعجميته، وعلى القول بأن أصول الجعد فارسية، فإن ذلك يدعم مقولة ابن حزم التي يقول فيها: (الأصل في أكثر خروج هذه الطوائف عن ديانة الإسلام أن الفرس كانوا من سعة الملك وعلو اليد على جميع الأمم وجلالة الخطر في أنفسهم، حتى إنهم يسمون أنفسهم الأحرار والأبناء، وكانوا يعدون سائر الناس عبيداً لهم؛ فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم على أيدي العرب، وكانت العرب أقل الأمم عند الفرس خطراً، تعاظمهم الأمر، وتضاعفت لديهم المصيبة، وراموا كيد الإسلام بالمحاربة في أوقات شتى، ففي كل ذلك يظهر الله سبحانه وتعالى الحق، فرأوا أن كيده على الحيلة أنجح، فأظهر قوم منهم الإسلام) وبلا شك أن الإسلام وأهله كانوا في تلك العصور في عزة ومنعة وتمكين، ولم يكن يجترئ كافر ولا منافق متعوذ بالإسلام من أبناء اليهود والنصارى وأنباط العراق أن يظهر ما في نفسه من الكفر وإنكار النبوة، فرقاً من السيف، وتخوفاً من الافتضاح. بل كانوا يتقلبون مع المسلمين بغم ويعيشون فيهم على رغم.

ولو استقرينا أهل البدع لوجدنا أكثرهم من العجم فالجهم بن صفوان خليفة الجعد ووارث بدعته من العجم، وكذا غيلان الدمشقي وهو من أوائل من تكلم في القدر كان من العجم، وكذا واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وغيرهم. وليس هذا غضاً من شأن العجم، ولكن أهل البدع منهم قد اجتمع فيهم الحقد على الإسلام وأهله، وجهلهم بهذا الدين ولغته التي نزل فيها، وقلة علمهم.

يتبع

ـ[تقى الدين ابو عبد الرحمن]ــــــــ[06 - 03 - 09, 01:49 ص]ـ

تابع: نبذة ... عن تاريخ تقديم العقل على النقل

ومما يؤكد ذلك أن عمرو بن عبيد المعتزلي جاء إلى أبي عمرو بن العلاء يناظر في وجوب عذاب الفاسق، فقال له: يا أبا عمرو الله يخلف وعده؟ فقال: لن يخلف الله وعده، فقال عمرو: فقد قال، وذكر آية وعيد، فقال عمرو: من العجمة أتيت، الوعد غير الإيعاد ثم أنشد:

وإني وإن أوعدْتُه أو وعدْتُه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير