{وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وليحذر المسلم العجب من عمل الصالحات فإن هذا محبط للعمل ولقد لقن الله المؤمنين درساً يوم حنين حينما أعجبوا بكثرتهم وظنوا أنها كافية في نصرهم قال الله عز وجل: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}
قال بعض العلماء:"عجبت لأربعة كيف يغفلون عن أربع: عجبت لمن أصابه ضر كيف يغفل عن قوله تعالى {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} و الله تعالى يقول: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}،وعجبت لمن أصابه حزن وغم كيف يغفل عن قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}، والله تعالى يقول: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} وعجبت لمن يمكر به الناس كيف يغفل عن قوله تعالى: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} والله تعالى يقول: فوقاه الله سيئات ما مكروا، وعجبت لمن كان خائفاً كيف يغفل عن قوله تعالى: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، والله تعالى يقول: {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} ".
إن التوكل على الله سبب للهداية للحق وسبب للوقاية من الشر قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي وغيره: (من قال - حين يخرج من بيته - باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله يقال وقيت وكفيت و تنحى عنه الشيطان).
و من أسباب دفع البلاء والمصائب عباد الله:
تقوى الله عزوجل قال الله عزوجل: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.
وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:" من أراد دوام العافية فليتق الله ".
وقال أبو سليمان الدراني رحمه الله:" من أحسن في ليله كفي في نهاره".
فاتقوا الله أيها المسلمون و تواصوا بها، قيل لرجل من التابعين عند موته أوصنا: فقال أوصيكم بخاتمة سورة النحل {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}.
عباد الله .. ومن أسباب دفع المصائب والآفات في الأموال والأبدان:
صنائع المعروف مع الآخرين، فصنائع المعروف تقي مصارع السوء و صدقة السر تطفأ غضب الرب وفي الترمذي: (إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء).
وفي الترمذي أيضا من حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله وسلم عنه قال: (الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار).
وصنائع المعروف هي الإحسان إلى عباد الله بعمل المعروف من قرض حسن أو بر أو هدية أو صدقة أو إعانة على قضاء حاجة من شفاعة أو تحمل دين أو بعضه أو غير ذلك من وجوه الإحسان المتنوعة {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
فأحسنوا أيها المسلمون ولا تحقروا من المعروف شيئا فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ,وإن الله لمع المحسنين.
أسأل الله عز وجل أن يدفع عنا وعن إخوان المسلمين في كل مكان المصائب والبلايا والآفات، اللهم اكفنا شرور ذنوبنا ومعاصينا وشؤمها يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك فاغفر لنا ذنوبنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولي الصالحين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم.
عباد الله .. ومن أسباب رفع الآفات والمصائب:
الاستغفار فإن الاستغفار مرضاة للرب ومنجاة من سخطه قال الله عزوجل: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
ومن لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب.
وقال سبحانه: {الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
ومن أسباب دفع المصائب عباد الله:
التوبة إلى الله عز وجل قال الله عزوجل: {فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً}.
وقال سبحانه: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:" ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة".
فتوبوا إلى ربكم واستغفروه {يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
¥