تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الدعوة إلى إسلام ما قبل الخلاف (قراءة تحليلية)]

ـ[سلطان العميري]ــــــــ[13 - 03 - 09, 02:28 ص]ـ

الدعوة إلى

إسلام ما قبل الخلاف

(قراءة تحليلية)

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , وعلى آله وصحبه أجمعين ...... أما بعد:

فقد جرت سنة الله تعالى أن تختلف هذه الأمة وتفترق إلى فرق كثيرة , وقد ارتبطت بهذا الافتراق ممارسات سلبية كثيرة ممن لم يحسن التعامل مع هذه السنة الكونية التي لا بد من وقوعها , فأخذ بعض الأمة يكفر بعضا لمجرد المخالفة , والبعض الآخر يفسق غيره أو يضلله , وزاد الشقاق بين الأمة واتسع , وتعددت الأقوال والمذاهب حول كثير من الأصول الدينية والمسائل الشرعية حتى غدا الحق ملتبسا على كثير من الناس , وما زال الخلاف مستمرا ومسيطرا على الأمة إلى عصرنا الحاضر , ذلكم العصر الذي تحتاج الأمة فيه إلى الاجتماع أكثر من كل عصر مضى.

ولما أدرك بعض المهتمين بإصلاح حال الأمة شؤم ذلك الافتراق وخطره أراد أن يتخذ طريقا في الإصلاح يجتنب فيه الافتراق من أصله , فنادى بما يسمى بـ " إسلام ما قبل الخلاف " , وبعضهم يعبر بـ (سلفية ما قبل الافتراق) , وأضحت هذه العبارة شعارا إصلاحيا جذابا , تهوي إليه أفئدة كثير من القاصدين للإصلاح , والمستاءين من نتائج الافتراق بين طوائف الأمة.

والدعوة إلى رجوع الأمة إلى إسلام ما قبل الخلاف ترجع إلى أن تلك المرحلة من تاريخ الأمة تمثل مرحلة الصفاء , زمن الرعيل الأول الذي رُبي على يدي رسول الله r , وهي محل تقدير وقبول بين جميع فرق الأمة إلا من شذ (كالشيعة مثلا) , فالدعوة إلى تلك المرحلة الزمنية المباركة فيها نبذ للخلاف الذي اقض مضاجع المصلحين وبدد جهود الصادقين.

حتى أن بعض من يدعو إلى إسلام ما قبل الخلاف يتأوه على حال الأمة إذا رأى اجتماعها في الحج مثلا , فهذا أحدهم يقول:" وقف المسلمون أمس بعرفة وأمسوا البارحة في مزدلفة وانطلقوا منها هذا الصباح وطاف بالبيت منهم من طاف وذبحوا أضاحيهم وحلقوا رؤوسهم وتحللوا من إحرامهم، كلهم فعلوا أشياء متماثلة، لكنهم حين ينظرون لبعضهم يجدون أن "الفرقة" والخلاف والخصومة قد مزقتهم كل ممزق وبعثرتهم كل بعثرة, فيقف الواحد منهم إلى جوار أخيه وهو في حالة توجس وتخوف وتحسس منه، أهو من فرقته أم من "الآخرين" أهو من الأصحاب أم من "الأعداء"!! , هذا ما جعلني أتمنى أن نعود لما كنا عليه في صدر الإسلام، حيث "إسلام ما قبل الفرقة".

فقصد أولئك المنادون بإسلام ما قبل الخلاف أن يرتبط الناس بذلك الجيل مباشرة ويستقوا من معينهم الصافي ويسيروا على طريق الوئام والاجتماع الذي كانوا عليه , وينبذوا ما آل إليه افتراقهم من تمزق وتشرذم.

وقد لقيت هذه الدعوة رواجا كبيرا عند كثير من المعاصرين على مختلف أطيافهم , فكتبت فيها الكتابات وعقدت لها الندوات , مع أن هذه الدعوة لها جذور في بداية عصر النهضة , فقد دعى محمد عبده إلى " تحرير الفكر من قيد التقليد , وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف , والرجوع في كسب معارفه إلى ينابيعه الأولى" ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn1)) , وهذا ما حاول سيد قطب فعله , فقد قصد أن يأخذ العقيدة من نصوص القرآن مباشرة ويتجاوز فهم رجال الفرق كلها , ولهذا أطلق بعض الدارسين على عقيدته: عقيدة سلفية قبل الخلاف المذهبي والكلامي بين المسلمين" ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn2)) .

· المقصود بالدعوة إلى إسلام ما قبل الخلاف:

حاصل المعنى الذي يتبادر إلى الذهن من هذه الدعوة هو مطالبة الناس بالرجوع والتحاكم إلى حالة الإجماع والاجتماع التي كانت عليها الأمة في الزمن المتقدم , والذي يشمل زمن الصحابة بالضرورة , ونبذ الخلاف والافتراق وما تبعه من شحناء وبغضاء بين طوائف الأمة , وأن تترك الأمة تلك الانتماءات والتحزبات التي مزقت شملها وأنهكت كيانها.

والأمر المطلوب الأخذ به هنا هو أن نأخذ بما أجمعوا عليه من أقوال في المسائل الدينية ومن مناهج البحث التي اعتمدوها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير