[بيان أن بدعة الحلول والاتحاد انبثقت عن الجهمية]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[13 - 03 - 09, 04:05 م]ـ
[بيان أن بدعة الحلول والاتحاد انبثقت عن الجهمية]
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
من المسائل التي حاول الأستاذ علي سامي النشار ردها ومن قبله شيخه الكوثري على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مسألة أن القول بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود أصل جهمي كما في نشأة الفكر الفلسفي (1
352).
وما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أن فكرة الحلول والاتحاد أصلها جهمي أشار إليه أكثر من محقق من العلماء.
فقد كان مآل القول أن الله في كل مكان القول بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود.
ووجه الإشكال في هذه النسبة للجهمية أن المشهور من مذهبهم إنكار الأسماء والصفات وإنكار كل وصف لله فكيف يتأتى ذلك مع القول بأن الله في كل مكان!
وهذه من سمات أهل البدع التخبط والتناقض والجمع بين النقيضين كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام.
قال رحمه الله: وهذا المنصوص عن ابن عباس وأبى ذر وغيرهما هو المنصوص عن أحمد وغيره من أئمة السنة ولم يثبت عن أحد منهم إثبات الرؤية بالعين في الدنيا كما لم يثبت عن أحد منهم إنكار الرؤية في الآخرة.
ولكن كلا القولين تقول به طوائف من الجهمية فالنفي يقول به متكلمة الجهمية, والإثبات يقول به بعض متصوفة الجهمية كالاتحاية وطائفة من غيرهم وهؤلاء الاتحادية يجمعون بين النفي والإثبات كما يقول ابن سبعين عين ما ترى ذات لا ترى وذات لا ترى عين ما ترى ونحو ذلك لأن مذهبهم مستلزم الجمع بين النقيضين.
مجموع الفتاوى (2
231)
الله في كل مكان عند الجهمية
قال رحمه الله: متكلمة الجهمية لا يعبدون شيئا ومتعبدة الجهمية يعبدون كل شيء.
درء التعارض (3
259)
ومقصود كلامه أن من خالط منهم الفلسفة وعلم الكلام جعل الله وجودا ذهنيا خاليا عن كل وصف؛ وهذا في الحقيقة وصف للعدم؛ ومن خالط منهم التصوف والتزهد جعل وجود الله عين وجود المخلوقات.
وقال رحمه الله: ولما ظهرت الجهمية المنكرة لمباينة الله وعلوه على خلقه افترق الناس فى هذا الباب على أربعة أقوال:
فالسلف والأئمة يقولون إن الله فوق سمواته مستو على عرشه بائن من خلقه كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وكما علم المباينة والعلو بالمعقول الصريح الموافق للمنقول الصحيح وكما فطر الله على ذلك خلقه من إقرارهم به وقصدهم إياه سبحانه وتعالى.
والقول الثاني: قول معطلة الجهمية ونفاتهم وهم الذين يقولون لا هو داخل العالم ولا خارجه ولا مباين له ولا محايث له فينفون الوصفين المتقابلين اللذين لا يخلو موجود عن أحدهما كما يقول ذلك أكثر المعتزلة ومن وافقهم من غيرهم.
والقول الثالث: قول حلولية الجهمية الذين يقولون إنه بذاته في كل مكان كما يقول ذلك النجارية أتباع حسين النجار وغيرهم من الجهمية وهؤلاء القائلون بالحلول والاتحاد من جنس هؤلاء فإن الحلول أغلب على عباد الجهمية وصوفيتهم وعامتهم , والنفى والتعطيل أغلب على نظارهم ومتكلميهم كما قيل متكلمة الجهمية لا يعبدون شيئا ومتصوفة الجهمية يعبدون كل شئ ,وذلك لأن العبادة تتضمن الطلب والقصد والإرادة والمحبة وهذا لا يتعلق بمعدوم؛ فإن القلب يطلب موجودا فإذا لم يطلب ما فوق العالم طلب ما هو فيه وأما الكلام والعلم والنظر فيتعلق بموجود ومعدوم؛فإذا كان أهل الكلام والنظر يصفون الرب بصفات السلب والنفى التى لا يوصف بها إلا المعدوم لم يكن مجرد العلم والكلام ينافى عدم المعبود المذكور بخلاف القصد والإرادة والعبادة فإنه ينافى المعبود.
ولهذا تجد الواحد من هؤلاء عند نظره وبحثه يميل إلى النفي وعند عبادته وتصوفه يميل إلى الحلول وإذا قيل له هذا ينافى ذلك قال هذا مقتضى عقلي ونظري وذاك مقتضى ذوقي ومعرفتي ,ومعلوم أن الذوق والوجد إن لم يكن موافقا للعقل والنظر وإلا لزم فسادهما أو فساد أحدهما.
مجموع الفتاوى (2
299)
قول الإمام أحمد في إثبات هذا قول للجهمية
¥