[سؤال في رؤية الله]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[14 - 03 - 09, 10:32 م]ـ
[سؤال في رؤية الله]
سأل بعض الإخوة سؤالا عن معنى قول شيخ الإسلام أنه تصح رؤية سطح العالم مع أنه ليس في جهة؟
ثم سأل لو سلّم لنا المخالف أن سطح العالم ليس في شيء آخر مخلوق لكنه ادعى أن من يراه فلن يراه إلا وهو مقابل له؟ وهذا يناقض اتفاقنا على أن سطح العالم ليس في جهة ..
وكان الجواب:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مثال ذلك في مسألة الرؤية أن يقال له أتريد بالجهة أمرا وجوديا أو أمرا عدميا فإذا أردت به أمرا وجوديا كان التقدير كل ما ليس في شيء موجود لا يرى وهذه المقدمة ممنوعة ولا دليل على أثباتها بل هي باطلة فإن سطح العالم يمكن أن يرى وليس العالم في عالم آخر.
وإن أردت الجهة أمرا عدميا كانت المقدمة الثانية ممنوعة فلا نسلم أنه ليس بجهة بهذا التفسير
منهاج السنة (2
204)
القاعدة التي يستند إليها أهل السنة في الألفاظ التي لم يرد بها الكتاب والسنة أن يستفصل عن المراد منها فيقبل ما كان معناه حقا ويرد ما كان معناه باطلا
فلفظ الجهة لفظ لم يرد به الكتاب والسنة؛ وهو من الألفاظ التي يستخدمها أهل البدع لتمرير معتقدهم الباطل في نفي علو الله على خلقه هذا أولا وثانيا لإنكار رؤية الله تعالى.
فجعلوا الجهة ما كان له حيز وتقدير ومكان
فالجهة لا بد أن تكون إما أمرا وجوديا أو عدميا
فالوجودي يعني الثابت له حقيقة ووجود فقالوا: المرئي لكي يرى لا بد أن يكون في جهة – يعني في شيء آخر – وما لم يكن في شيء لا يمكن أن يرى والله ليس في شيء فلا يرى وليس فوق السماء لأن الفوقية جهة وهو ما كان في شيء والله ليس في شيء.
فهنا يحاججهم أهل السنة بأن هذه المقدمة غير صحيحة أن كل ما ليس في شيء فلا يمكن أن يرى.
والاعتبار في ذلك بسطح العالم -والسطح هو أعلى الشيء فسطح البيت أعلاه وسطح العالم أعلاه –
فأعلى هذا العالم مثلا كالعرش يمكن أن يرى أن تراه الملائكة مثلا – حملة العرش- وليس هذا العالم وسطحه مثلا موجود في شيء آخر فبطلت المقدمة التي يستندون إليها أن ما يرى لا بد أن يكون في شيء.
الملخص
الموجودات والمخلوقات التي ترى هي في شيء آخر فالبيت في المدينة والمدينة في الأرض والأرض في السماء الدنيا وهذه السماء الدنيا في الثانية وهكذا ولكن سينتهي هذا إِلَى نهاية الكون أو سطح العالم وهو العرش والعرش ليس في شيء آخر الذي هو أعلى هذا الكون وهذا السطح يمكن أن يرى أن تراه الملائكة وهو ليس في شيء يحويه.
وهذا واضح وبين إن شاء الله.
وأما قولهم أن سطح العالم لو سلمنا أنه يرى وهو ليس في جهة فهل تكون هذه الرؤية بدون تقابل؟
والجواب أنه لا يشترط التقابل
قال شيخ الإسلام: وكذلك قولهم أن يكون مقابلا للرائي فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود فاني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي لكن هذا يدل على انه لا يشترط في الرؤية أن يكون المرئي أمامه لكن لا يدل على انه لا يشترط أن يكون بجهة منه فإنما خلفه بجهة منه.
بيان تلبيس الجهمية
ومن الاعتبار كذلك رؤية الإنسان للشيء في المرآة وهي ليس في جهة مقابلة
والذي ألجأهم لذلك ظنهم أن التقابل يلزم منه الجهة – أي المكان والحيز – ولذلك قالوا مثلا في رؤية الله يرى بدون مقابلة؛ وهذا مما يعلم فساده بالضرورة كما ذكر شيخ الإسلام.
والله أعلم
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[15 - 03 - 09, 08:24 ص]ـ
وقد يجاب عن النقطة الثانية كذلك - مسألة التقابل – بما يلي:
أنه لا يلزم من التقابل إثبات الجهة -بأن يكون شيء في شيء – كما مثلنا بسطح العالم
و الجهة قسمان داتي وهو العلو والسفل وهذا يكون لما سوى الحيوان كالأفلاك مثلا وقسم إضافي وهو ما ينسب إلى الحيوان وهو ما تحويه الجهات الست.
فالرؤية الممكنة لسطح العالم دليل أن التقابل لا يلزم منه الجهة – أي وجود شيء في شيء.
فالملخص: أنه لا يتصور رؤية شيء بدون جهة وهذا مما اتفق عليه العقلاء
ومن أثبت الرؤية ونفى الجهة فقد أضحك الناس على عقله.
ولا يلزم من إثبات الجهة الظرفية وهو وجود شيء في شيء.
والله أعلم