إزالة الرِّيب بخمسة أجوبة لحديث "إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب".
ـ[أبو عبد الله العميسان]ــــــــ[22 - 03 - 09, 11:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, وعلى آله وصحبه ومن سار على منهاجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين وبعدُ:
فهذا جواب مختصرٌ مفيدٌ اختصرته ورتبته من كتاب:
[دحض شبهات على التوحيد من سوء الفهم لثلاثة أحاديث (يئس الشيطان من عبادته في جزيرة العرب) , وحديث: (يا عباد الله إحبسوا) , وحديث (عصمة كلمة التوحيد لدم قائلها وماله)] , للعلاَّمة عبد الله بن عبد الرحمن البابطين, تحقيق: الشيخ عبد السلام بن برجس بن ناصر العبدالكريم-رحمهما الله-.
وقد انتقيتُ من هذا الكتاب المبارك الجواب عن حديث: (إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب) , فقمت باختصار الجواب عنه وترتيبه بالتقديم والتأخير وتجزئته إلى خمسة أجوبة ليسهل حفظها, والله الموفق وحده.
الجواب الأول: حصول الردة بعد وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم-:
إن أكثر العرب ارتدوا بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- فكثير منهم رجعوا إلى الكفر وعبادة الأوثان، وكثير صدقوا من ادعى النبوة كمسيلمة وغيره، ومن أطاع الشيطان في نوع من أنواع الكفر فقد عبده، لا تختص عبادة الشيطان بنوع من الشرك لقوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} الآية, أي لا تطيعوه، فعبادته طاعته. يوضح ذلك تفسير النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} إنه طاعتهم في التحريم والتحليل فسمى ذلك الله شركاً وعبادتهم منهم للأحبار والرهبان.
الجواب الثاني: إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الناس يعودون إلى عبادة الأوثان في آخر الزمان.
فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى" [رواه مسلم بلفظ: (لا يذهب الليل والنهار حتى تُعبد الأَّت والعزى) (7299)] , وقال: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة" [رواه البخاري (7116)]، وهو صنم كان لهم في الجاهلية بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- لهدمه جرير بن عبد الله. فتبين أن عبادة الشيطان وجدت بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم-في جزيرة العرب، وتوجد إلى آخر الزمان بهذه النصوص الثابتة، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" قال: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن" رواه البخاري (3450).
وقال: "لتأخذن هذه الأمة مأخذ الأمم قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع" قالوا يا رسول الله: فارس والروم؟ قال: "ومن الناس إلا أولئك" رواه البخاري (7320). فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة تفعل كما فعلت الأمم قبلها: اليهود والنصارى وفارس والروم, وأن هذه الأمة لا تقصر عما فعلته الأمم قبلها، وقال: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله" [رواه البخاري (3641) , ومسلم (4950)].
الجواب الثالث: حصول الشرك ووقوعه في جزيرة العرب في هذه الأزمنة:
عرفُ يقيناً أن الشرك وقع في الجزيرة كثيراً عند مشاهد وقبور يمناً وحجازاً؛ من دعاء الأموات والغائبين، والاستغاثة بهم وسؤال الحاجات، وتفريج الكربات والتقرب إليهم بالنذور والذبائح، وكذلك الذبح للجن والاستغاثة بهم. وهذا أمر معلوم بالتواتر عند من شاهد ذلك، فإذا تحقق الإنسان ذلك علم أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب" ليس فيه معارضة لهذا الأصل العظيم الذي هو أصل الأصول، وليس فيه دلالة على استحالة وجود الشرك في أرض جزيرة العرب.
¥