[مسائل تخالف العلم الضروري]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[26 - 03 - 09, 01:49 م]ـ
[مسائل تخالف العلم الضروري]
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
قال شيخ الإسلام: ما من طائفة من طوائف الكلام والفلسفة إلا وجمهور الناس يقولون: إنهم جحدوا العلوم الضرورية.
فالقائلون بأن الممكن قد يترجح أحد طرفيه بلا مرجح من القادر أو غيره يقول جمهور العقلاء: إنهم جحدوا العلوم الضرورية
والقائلون بأن الأجسام لا تبقى والأعراض لا تبقى يقول جمهور الناس: إنهم جحدوا العلوم الضرورية.
والقائلون بأن الأصوات المتعاقبة تكون قديمة أزلية الأعيان باقية وأن الأصوات المسموعة من الآدميين هي قديمة يقول جمهور العقلاء: إنهم خالفوا العلم الضروري.
والقائلون بأن الكلام هو معنى واحد: هو الأمر بكل ما أمر به والخبر عن كل ما أخبر به وأنه وإن عبر عنه بالعربية كان هو القرآن وإن عبر عنه بالعبرية كان هو التوراة يقول جمهور العقلاء إنهم جحدوا العلم الضروري.
والقائلون بأن العالم هو العلم والمعلوم والعاقل هو العقل والمعقول والعاشق هو العشق والمعشوق واللذة هي الملتذ والعلم هو القدرة والقدرة هي الإرادة يقول جمهور العقلاء: إنهم خالفوا العلوم الضرورية.
والقائلون بأن الوجود الواجب وجود مطلق بشرط الإطلاق أو لا بشرط يقول جمهور العقلاء: إنهم خالفوا العلوم الضرورية.
والقائلون بأن النفس لا تدرك إلا الكليات دون الجزئيات يقول جمهور العقلاء: إنهم خالفوا العلم الضروري.
والقائلون بأن كل موجود يجوز أن تتعلق به الإدراكات الخمسة وأن الصوت يرى والطعم يسمع واللون يشم يقول جمهور العقلاء: إنهم خالفوا العلم الضروري
والقائلون بأنه يحدث إرادة لا في محل أو يحدث فناء لا في محل يقول جمهور العقلاء: أن فساد قولهم معلوم بالضرورة.
والقائلون بأن الإرادة تحدث في الإنسان من غير سبب يوجب حدوثها مما يقول جمهور العقلاء: إن فساد قولهم معلوم بالضرورة.
والقائلون بأنه حي عليم قدير من غير حياة ولا علم ولا قدرة مما يقول جمهور العقلاء: إن فساد قولهم معلوم بالضرورة.
والقائلون بأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي بالخلافة نصا جليا أشاعه بين المسلمين فكتموه ولم يظهروه يقول جمهور العقلاء: إن قولهم معلوم الفساد بالضرورة.
والقائلون بان للأمة إماما معصوما عمره سنتان - أو ثلاث أو أربع - دخل السرداب من أكثر من أربعمائة سنة أو أن عليا لم يمت وأمثال ذلك يقول جمهور الناس: إن قولهم معلوم الفساد بالضرورة.
وكذلك قول القائلين بأن الأعراض لا تبقى زمانين مما يقول جمهور العقلاء: إن فساده معلوم بالضرورة.
وكذلك من يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمي المنافقين مؤمنين ويجعل إيمانهم كإيمان المؤمنين غير المنافقين وهم مع ذلك مخلدون في النار مما يعلم جمهور العقلاء المسلمين فساده بالاضطرار من دين الإسلام.
وكذلك القائلون بأن القرآن العزيز زيد فيه زيادات ونقص منه أشياء مما يعلم بالضرورة امتناعه في العادة.
وقول النصارى: إن الكلمة اتحدت بالمسيح وإنها ليس هي الأب الجامع للأقانيم وهي مع ذلك الرب الذي يخلق ويرزق وهي جوهر والجوهر عندهم واحد ليس إلا الأب مما يقول الناس: إنه معلوم الفساد بالضرورة.
ومثل هذا إذا تتبعناه كثير.
درء التعارض (3
240)
وهذا بيان للمسائل التي ذكرها شيخ الإسلام
1 - فالقائلون بأن الممكن قد يترجح أحد طرفيه بلا مرجح من القادر أو غيره يقول جمهور العقلاء: إنهم جحدوا العلوم الضرورية.
طرفا الممكن هما الوجود أو العدم؛ وترجيح وجوده على عدمه لا بد أن يستند إلى مرجح أي واجب الوجود؛ فلا يمكن للممكن أن يوجد بدون موجد أو محدث أو مرجح فلا بد من واجب يخرجه من العدم إلى الوجود.
وهذه القاعدة أيضا يستخدمها شيخ الإسلام في مسألة أفعال الله في الرد على من منع تجدد الصفات الاختيارية بالله وأن الله كان معطلا عن الفعل ثم فعل.
¥