[من تناقض الأشاعرة في مسألة كلام الله]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[26 - 03 - 09, 01:55 م]ـ
[من تناقض الأشاعرة في مسألة كلام الله]
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
مسألة كلام الله من المسائل التي خلط فيها الأشاعرة فقالوا في كلام الله أنه معنى واحد لا يتجزأ ولا يلحقه التعاقب وهو الأمر بكل مأمور ,والنهي عن كل منهي عنه , والخبر عن كل مخبر عنه؛ إن عبر عنه بالعربية كان قرآناً , وإن عبر عنه بالعبرية كان توراة , وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلاً.
وسبب ذلك أن التعاقب يلزم منه أن يتكلم به شيئا بعد شيء وهذا يلزم منه التجدد في هذه الصفة؛ وتجدد الفعل أو الصفة الفعلية يلزم منها الحدوث وذلك من صفات المحدثات فقالوا لا يلحقه التعاقب؛ وكذا قولهم أنه معنى واحد لأنه لو كان في نظرهم أنواعا مختلفة أو متجزئة للزم من ذلك مشابهته للمحدثات فلذلك كابروا المعقول والمعلوم والمحسوس في هذا القول الذي تفردوا به.
كيف دخل هذا التخليط عليهم؟
قال شيخ الإسلام: وقال الحافظ أبو نصر السحزي في رسالته المعروفة إلى أهل زبيد في الواجب من القول في القرآن: (اعلموا - أرشدنا اله وإياكم - أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نحلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب والقلانسي و الأشعري وأقرانهم الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة وهم معهم بل أخس حالا منهم في الباطن من أن الكلام لا يكون إلا حرفا وصوتا ذا تأليف واتساق وإن اختلفت به اللغات وعبر عن هذا المعنى الأوائل الذي تكلموا في العقليات وقالوا: الكلام حروف متسقة وأصوات مقطعة وقالت - يعني علماء العربية -: الكلام اسم وفعل وحرف جاء لمعنى فالاسم مثل زيد وعمرو والفعل مثل جاء وذهب والحرف الذي يجيء لمعنى مثل هل وبل وقد وما شاكل ذلك فالإجماع منعقد بين العقلاء على كون الكلام حرفا وصوتا فلما نبغ ابن كلاب وأضرابه وحاولوا الرد على المعتزلة من طريق مجرد العقل وهم لا يخبرون أصول السنة ولا ما كان السلف عليه ولا يحتجون بالأخبار الواردة في ذلك زعما منهم أنها أخبار آحاد وهي لا توجب علما وألزمتهم المعتزلة الاتفاق على أن الاتفاق حاصل على أن الكلام حرف وصوت ويدخله التعاقب والتأليف وذلك لا يوجد في الشاهد إلا بحركة وسكون ولا بد له من أن يكون ذا أجزاء وأبعاض وما كان بهذه المثابة لا يجوز أن يكون من صفات ذات الله تعالى لأن ذات الحق لا توصف بالاجتماع والافتراق والكل والبعض والحركة والسكون وحكم الصفة الذاتية حكم الذات.
قالوا: فعلم بهذه الجملة أن الكلام المضاف إلى الله تعالى خلق له أحدثه وأضافه إلى نفسه كما نقول: (خلق الله وعبد الله وفعل الله)
(قال: فضاق بابن كلاب وأضرابه النفس عند هذا الإلزام لقلة معرفتهم بالسنن وتركهم قبولها وتسليمهم العنان إلى مجرد العقل) فالتزموا ما قالته المعتزلة وركبوا مكابرة العيان وخرقوا الإجماع المنعقد بين الكافة.
درء التعارض (1
278)
قال شيخ الإسلام: وهذا الكلام فاسد بالعقل الصريح و النقل الصحيح فإن المعنى الواحد لا يكون هو الأمر بكل مأمور و الخبر عن كل مخبر و لا يكون معنى التوارة و الإنجيل و القرآن و احدا و هم يقولون إذا عبر عن ذلك الكلام بالعربية صار قرآنا و إذا عبر عنه بالعبرية صار توراة و هذه غلط فإن التوارة يعبر عنها بالعربية و معانيها ليست هي معاني القرآن و القرآن يعبر عنه بالعبرية و ليست معانيه هي معاني التوراة وهذا القول أول من أحدثه ابن كلاب و لكنه هو و من اتبعه عليه كالأشعري.
مجموع الفتاوى (8
424)
وأما الرد عليهم في هذه المسألة
أولا: اعترف العز بن عبد السلام أن هذا من إشكالات مذهب الأشاعرة فلما سئل: كيف يعقل شيء واحد هو أمر ونهي وخبر واستخبار , فقال أبو محمد: ما هذا بأول إشكال ورد على مذهب الأشعري.
الفتاوى الكبرى (6
625)
وقد رد شيخ الإسلام على قولهم هذا بما يلي:
1 - إن هذا القول انفردوا به عن سائر الفرق كما ذكره الرازي.
¥