تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيقال: لا يخلو إما أن يكون ظاهر اللفظ في تقرب العبد إلى ربه وهو تقرب بالمساحة المذكورة أو لا يكون، فإن كان ذلك هو ظاهر ذلك اللفظ فإما أن يكون ممكنًا أو لا يكون، فإن كان ممكنا فالآخر أيضًا ممكن، و لا يكون في ذلك مخالفة للظاهر، وإن لم يكن ممكنًا فمن أظهر الأشياء للإنسان علمه بنفسه وسعيه. فيكون قد ظهر للمخاطب معنى قربه بنفسه، وقد علم أن قرب ربه إليه من جنس ذلك، فيكون الآخر أيضا ظاهرا في الخطاب، فلا يكون ظاهر الخطاب هو المعنى الممتنع بل ظاهره هو المعنى الحق.

ومن المعلوم أنه ليس ظاهر الخطاب أن العبد يتقرب إلى الله بحركة بدنه شبرًا وذراعًا ومشيًا وهرولة، لكن قد يقال عدم ظهور هذا هو للقرينة الحسية العقلية، و هو أن العبد يعلم تقربه ليس على هذا الوجه، وذلك لا يمنع أن يكون ظاهر اللفظ متروكاً.

يقال: هذه القرينة الحسية الظاهرة لكل أحد هي أبلغ من القرينة اللفظية فيكون بمعنى الخطاب ما ظهر بها لا ما ظهر بدونها. فقد تنازع الناس في مثل هذه القرينة المقترنة باللفظ العام، هل هي من باب التخصيصات المتصلة؟ أو المنفصلة؟.

و على التقديرين فالمتكلَّم الذي ظهر معناه بها لم يُضِل المخاطب ولم يلبس عليه المعنى بل هو مخاطب له بأحسن البيان.

ثم يقال:الحجة لمن جعل ذلك مخصصًا متصلاً لا من منع ذلك أن يكون ذلك تخصيصا " اهـ (2).


1) علق محقق الكتاب بقوله: لعلها " التقربين ".
2) بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، لشيخ الإسلام إبن تيمية،تحقيق الجزء د/ عبد الرحمن بن عبد الكريم اليحيى، طبعة مجمع الملك فهد [1426]. ج (6)، ص (101).
(منقول)
ـــــــــــــــ
قال العلامة العثيمين:
(من محمد الصالح العثيمين إلى أخيه المكرم (. . .) –حفظه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: ففي هذا اليوم وصلني كتابكم المؤرخ 7 من الشهر الحالي، فعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وقد فهمت ما فيه، وقد تضمن ملاحظة فضيلتكم على كلامي فيما يتعلق بالحديث القدسي الذي رواه النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ربه تبارك وتعالى أنه قال:
" من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة". وكان في إثبات الهرولة لله تعالى إشكال عندكم.
فيا محب:
تعلم أن هذا الحديث أخبر الله تعالى به عن نفسه، ونقله عنه أمينه على وحيه ورسوله إلى عباده ومبلغ رسالته على الوجه الأتم، ونقله عن هذا الرسول أمناء أمته من الصحابة والتابعين وأئمة من أهل الحديث والفقه، وتلقته الأمة بالقبول.
وتعلم يا محب أن الله تبارك وتعالى أعلم بنفسه وبغيره:
{والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، {قل أأنتم أعلم أمِ الله}.
وتعلم يا محب أن الله تعالى لم يطلع خلقه على ما علمه إياهم من أسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه إلا ليبين لهم الحق حتى لا يضلوا: {يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم}.
وتعلم يا محب أنه لا أحد أحسن من الله حديثا، ولا أصدق منه قيلا، وأن كلامه جل وعلا في أعلى الفصاحة والبيان.
وقد قال سبحانه عن نفسه:
" من أتاني يمشي أتيته هرولة"، فلا تستوحش يا أخي من شيء أثبته الله تعالى لنفسه بعد أن علمت ما سبق، واعلم أنك إذا نفيت أن الله تعالى يأتي هرولة، فسيكون مضمون هذا النفي صحة أن يقال:
إن الله لا يأتي هرولة، وفي هذا ما فيه.
ومن المعلوم أن السلف يؤمنون بأن الله تعالى يأتي إتيانا حقيقيا للفصل بين عباده يوم القيامة على الوجه اللائق به، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى، وليس في هذا الحديث القدسي إلا أن إتيانه يكون هرولة لمن أتاه يمشي، فمن أثبت إتيان الله تعالى حقيقة لم يشكل عليه أن يكون شيء من هذا الإتيان بصفة الهرولة على الوجه اللائق به، وأي مانع يمنع من أن نؤمن بأن الله تعالى يأتي هرولة، وقد أخبر الله تعالى به عن نفسه؟!
وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، و {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
". . . "
إلى أن قال العثيمين:
[وإن الإنسان ليجد في نفسه الخوف من أن يلقى الله عز وجل وهو يقول:
إن الله تعالى لا يأتي هرولة، بعد أن أثبت الله ذلك لنفسه، وسبحان من قال عن نفسه: {ويفعل الله ما يشاء}.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير