تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(وأصل هذا أن قربه سبحانه ودنوه من بعض مخلوقاته لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش، بل هو فوق العرش ويقرب من خلقه كيف يشاء، كما قال ذلك من قاله من السلف، وهذا كقربه إلى موسى لما كلمه من الشجرة " ... " إلى أن قال (464): (وإذا كان المنادي هو الله رب العالمين، وقد ناداه من موضع معين وقربه إليه، دل ذلك على ما قاله السلف من قربه ودنوه من موسى عليه السلام، مع أن هذا قرب مما دون السماء " ... " إلى أن قال (465):

(وقربه من العباد من بتقربهم إليه مما يقر به جميع من يقول: إنه فوق العرش، سواء قالوا مع ذلك: إنه تقوم به الأفعال الاختيارية، أم لم يقولوا.

و أما من ينكر ذلك فمنهم من يفسر قرب العباد بكونهم يقاربونه ويشابهونه من بعض الوجوه، فيكونون قريبين منه، وهذا تفسير أبي حامد والمتفلسفة، ومنهم من يفسر قربهم بطاعته، ويفسر قربه بإثابته، وهذا تفسير جمهور الجهمية، فإنهم ليس عندهم قرب ولا تقريب أصلا.

ومما يدخل في معاني القرب – وليس في الطوائف من ينكره – قرب المعروف والمعبود إلى قلوب العارفين العابدين، فإن كل من أحب شيئا فإنه لابد أن يعرفه ويقرب من قلبه، والذي يبغضه يبعد من قلبه).

" ... " إلى أن قال:

(والذين يثبتون تقريبه العباد إلى ذاته هو القول المعروف للسلف والأئمة، وهو قول الأشعري، وغيره من الكلابية، فإنهم يثبتون قرب العباد إلى ذاته " ... " إلى أن قال:

(و أما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده، فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة، ونزوله و استواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين، وأهل الحديث، والنقل عنهم متواتر، وأول من أنكر هذا في الإسلام الجهمية، ومن وافقهم من المعتزلة).

وقال في ص (31/ 6):

(لكن عموم المسلمين وسلف الأمة، وأهل السنة من جميع الطوائف تقر بذلك، فيكون العبد متقربا بحركة روحه وبدنه إلى ربه، مع إثباتهم أيضا التقرب منهما إلى الأماكن المشرفة، وإثباتهم أيضا تحول روحه وبدنه من حال إلى حال:

فالأول: مثل معراج النبي – صلى الله عليه وسلم – وعروج روح العبد إلى ربه، وقربه منه في السجود وغير ذلك.

والثاني: مثل الحج إلى بيته، وقصده في المساجد.

والثالث: مثل ذكره له، ودعائه، ومحبته، وعبادته، وهو في بيته، لكن في هذين يقرون أيضا بقرب الروح أيضا إلى الله نفسه، فيجمعون بين الأنواع كلها).

قال في ص (13/ 6):

(وإذا كان قرب عباده منه نفسه، وقربه منهم، ليس ممتنعا عند الجماهير من السلف، وأتباعهم من أهل الحديث، والفقهاء، والصوفية، وأهل الكلام، لم يجب أن يُتأول كل نص فيه ذكر قربه من جهة امتناع القرب عليه، و لا يلزم من جواز القرب عليه أن يكون كل موضع ذكر فيه قربه يراد به قربه بنفسه، بل يبقى هذا من الأمور الجائزة، وينظر في النص الوارد، فإن دل على هذا حمل عليه، وإن دل على هذا حمل عليه، وكما تقدم في لفظ الإتيان والمجيء) اهـ.

ففي هذا الكلام من تقرير تقرب العبد إلى ربه بحركة روحه وبدنه، وأن قرب العباد منه نفسه، وقربه منهم، ليس ممتنعا عند الجماهير من السلف وأتباعهم، ما يخالف ما ذكره في نقضه على الرازي، وعليه فيكون للشيخ-رحمه الله تعالى- في هذا قولان، ولكن أيهما أقرب أن يكون أرجح عنده؟

قد يقال: إن الثاني أقرب أن يكون أرجح، لأن فيه زيادة، ولأنه ساقه جازما به، بخلاف الأول فإنه كان فيه ترديد، والله أعلم.

وخلاصة القول: إن إبقاء النص على ظاهره أولى وأسلم فيما أراه، ولو ذهب ذاهب إلى تأويله لظهور القرينة عنده في ذلك، لوسعه الأمر لاحتماله.

والله تعالى رقيب على قول كل قائل وقلبه، فنسأل الله تعالى الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى، إنه جواد كريم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته] اهـ.

من (إزالة الستار عن الجواب المختار لهداية المحتار .. ). ط. دار ابن خزيمة، ص 36 - 46.

والحمد لله رب العالمين

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[13 - 04 - 09, 12:20 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير