تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لَكِنْ كَانَ لَهُ مِنْ مُوَافَقَةِ مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ فِي الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَالْإِمَامَةِ وَالْفَضَائِلِ وَالشَّفَاعَةِ وَالْحَوْضِ وَالصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ، وَلَهُ مِنْ الرُّدُودِ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَبَيَانِ تَنَاقُضِهِمْ مَا أَوْجَبَ أَنْ يَمْتَازَ بِذَلِكَ عَنْ أُولَئِكَ، وَيُعْرَفَ لَهُ حَقُّهُ وَقَدْرُهُ: " قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ".

وَبِمَا وَافَقَ فِيهِ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ صَارَ لَهُ مِنْ الْقَبُولِ وَالْأَتْبَاعِ مَا صَارَ ".

قال مقيده عفا الله عنه: عنى شيخ الإسلام رحمه الله بتصنيف الحافظ ابن عساكر كتاب تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري.

وهذا الكتاب مصنفه حافظ من حفاظ الدنيا وإمام من أئمة المحدثين، وقد ذكر فيه من المنتسبين إلى الأشعري جماعة من أئمة الحديث وكبرائهم، منهم: الإمام أبو بكر الجرجاني المعروف بالإسماعيلي، والحاكم أبو عبد الله بن البيع النيسابوري صاحب المستدرك، والحافظ أبو نعيم الأصبهاني والحافظ أبو ذر الهروي، والحافظ أبو بكر البيهقي والحافظ الخطيب البغدادي وغيرهم، رحمة الله عليهم جميعاً.

ولا يخفى عليك الآن بعد أن قرأتَ كلام شيخ الإسلام المتقدم، السببُ الذي جعل هؤلاء الأئمة ينتمون إلى فرقة الأشعري.

ورسالةُ البيهقيِّ المشارِ إليها أوردها الحافظُ ابن عساكر في التبيين ص100 - 108، ومما قاله فيها (2): " شيخنا أبو الحسن الأشعري رحمه الله لم يحدث في دين الله حدثاً، ولم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين، فنصرها بزيادة شرح وتبيين، وأن ما قالوا في الأصول وجاء به الشرع صحيح في العقول، خلاف ما زعم أهل الأهواء من أن بعضه لا يستقيم في الآراء، فكان في بيانه تقوية ما لم يدل عليه من أهل السنة والجماعة، ونصرة أقاويل من مضى من الأئمة كأبي حنيفة وسفيان الثوري من اهل الكوفة، والأوزاعي وغيره من أهل الشام، ومالك والشافعي من أهل الحرمين، ومن نحا نحوهما من الحجاز وغيرها من سائر البلاد، وكأحمد ابن حنبل وغيره من أهل الحديث، والليث بن سعد وغيره، وأبي عبد الله محمد بن اسمعيل البخاري وأبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري إمامي أهل الآثار وحفاظ السنن التي عليها مدار الشرع رضي الله عنهم أجمعين ".

ثم قال: " وحين كثرت المبتدعة في هذه الأمة وتركوا ظاهر الكتاب والسنة، وأنكروا ما ورد به من صفات الله عزوجل نحو الحياة والقدرة والعلم والمشيئة والسمع والبصر والكلام، وجحدوا مادلا عليه من المعراج وعذاب القبر والميزان، وأن الجنة والنار مخلوقتان، وأن أهل الإيمان يخرجون من النيران، وما لنبينا صلى الله عليه وسلم من الحوض والشفاعة، وما لأهل الجنة من الرؤية، وأن الخلفاء الأربعة كانوا محقين فيما قاموا به من الولاية، وزعموا أن شيئاً من ذلك لا يستقيم على العقل ولا يصح في الرأي، أخرج الله عزوجل من نسل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه إماماً قام بنصرة دين الله، وجاهد بلسانه وبيانه من صد عن سبيل الله، وزاد في التبيين لأهل اليقين أن ما جاء به الكتاب والسنة وماكان عليه سلف هذه الأمة مستقيم على العقول الصحيحة والآراء ".

قال مقيِّدُهُ عفا الله عنه: تضمَّن هذا الكلام من هذا الإمام الهمام، جملة من كنوز الحقائق تبيِّنُ لك السبب الذي من أجله انتصر من انتصرَ من المُحدِّثينَ لمذهب الأشعري

الأولى: أن العقل والنقل لا يتعارضا خلافاً لما يزعمه أهل الأهواء.

وقد أنشد ابن عساكر في التبيين ص170 لبعضهم أبياتاً بهذا المعنى وهي قوله:

واعلَم بأنَّ الأشعريَّ=عدوُ أصحابِ البدعْ

فهو المجيدُ الذبَّ عن =سُننِ الرَّسُولِ وما شَرَعْ

واختَار ما قال الرسُو= لُ من الأصُول وما اخترعْ

لكنَّهُ نصب الدليـ = ل لمن تسنَّنَ واتَّبعْ

وأبانَ أنَّ العقل لا = ينفي الصَّوابَ المُتَّبعْ

من آيةٍ أو سُنَّةٍ = كان الرَّسُول بها صَدَعْ

الثانية: أن المبتدِعَةَ الذين قام الأشعريُّ بجهادهم تركوا ظواهر الكتاب والسنة.

الثالثة: أن الإمام الأشعري نصر قول المحدثين الآنفي الذكر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير