حتى إذا رأوه خرُّوا سُجَّدا
[56] جميع من مات به موحِّدا
ومن يمت منافقًا لم يستطع
[57] إذ للسجود قد دعي فلم يطع
يأذن بالرفع لهم ثم يمدّْ
[58] جسرًا على النار من السيف أحدّْ
ويقسم النور بقدر العمل
[59] يتمه الله لمن له ولي
وينطفي نور المنافقينا
[60] فوقفوا إذ ذاك حائرينا
لأنهم بالوحي ما استضاؤوا
[61] بل كذَّبوا فذا لهم جزاء
ثم ينجِّي الله كل مُتَّقي
[62] وكُبَّ في نار الجحيم من شقي
واستفتح الرسول باب الجنه
[63] للمؤمنين الناصرين السنه
من بعد وِرد حوضه الذي وعد
[64] يشرب من كل عبد قد سعد
وزيد كل الأشقياء عنه
[65] وما لهم قط شراب منه
وانقسم الخلق إلى قسمين
[66] وما لهم مأوىً سوى الدارين
فأولياء ربنا بداره
[67] فازوا بدار الخُلد في جواره
دار بها ما ليس عين قد رأت
[68] كلا ولا أذن به قد سمعت
ولا درى قلب به ولا خطر
[69] قطُّ ببال أحد من البشر
بناؤها من فضة ومن ذهب
[70] ليس بها من صخب ولا نصب
ملاطها كان بمسك أذفر
[71] حصباؤها من لؤلؤ وجوهر
ترابها من زعفران وبها
[72] ما لا يعد قدرها من البَها
في غرف مبنية ظهورها
[73] تحكي البطون دائمٌ حُبُورها
في درجات بُعد ما بين السَّما
[74] والأرضِ والفردوسُ أعلاها سما
منها انفجار أنهر الجنان
[75] وسقفها العرش بلا نكران
فيدخلون أولاً على زمر
[76] أول زمرة على ضوء القمر
أبنا ثلاث وثلاثين سنه
[77] جُرْدًا مكحَّلين مُرْدًا حُسنه
وجوههم من السرور مسفره
[78] لا ذلة ترهقها أو قتره
صفوفهم عشرون بعد المائة
[79] أمَّا ثمانون فمن ذا الأمَّة
في عيشة راضية مرضيه
[80] وفُرُش مرفوعة عليَّه
آنية من ذهب وفضة
[81] لهم مجامر من الأُلُوَّةِ
رشحهم المسك قلوبهم على
[82] قلب امرئٍ من كل حقد قد خلا
لو واحد منهم بدا أساوره
[83] أضاءت الدنيا به أو ظفره
لهم من الحرير ملبس
[84] إستبرق فيها وخضر السندس
عليهمو من لؤلؤ تيجان
[85] تضيء للؤلؤة الأكوان
بلا انقطاع رزقهم مدرار
[86] جارية تحتهم الأنهار
في فنن ممدودة الظلال
[87] شبه ما تثمر بالقلال
طعامهم من كل لون فُكِّهوا
[88] فيها ولحم طائر مما اشتهوا
شرابهم فيها من التسنيم
[89] والسَّلسبيل نزَّل الرحيم
أزواجهم حور حسان عين
[90] كأنهن اللؤلؤ المكنون
قد أُخدِموا فيها من الولدان
[91] ما قصَّة الرحمن في القرآن
أدناهمو ولا دنيء فيهموا
[92] له ثمانون ألوف خدموا
زُوِّج من خيراتها الحسان
[93] سبعين حوراء تلا اثنتان
في قبة اللؤلؤ والزبرجد
[94] تنصب دون الشهر لم تجدد
فيها له ملك من الدنيا ملك
[95] وعشرة أمثاله بدون شك
لكنما موضع سوط فيها
[96] خير من الدنيا وما عليها
أما الذي أعلاهمو في المنزله
[97] فذاك غير الله لا واصف له
في غرف تُنظر كالدُّرِّيِّ
[98] في الأفق الشرقي أو الغربي
أخفى لهم من قرة الأعين ما
[99] ليس سوى الله به قد علما
وإن فوق كل ذي النعيم
[100] رؤيتهم لربنا الكريم
يوم المزيد موعد الزياده
[101] يدعو إلى زيارةٍ عباده
فقُرِّبت فيها إليهم نُجُبُ
[102] إليه فوقها صفوفًا ركبوا
منابر النور ومن زبرجد
[103] ولؤلؤ وفضة وعسجد
ينصبها للأوليا والشهدا
[104] وبعدهم يجلس باقي السعدا
على كثيب المسك والكافور لا
[105] يرون أصحاب الكراسي أفضلا
أبرز عرشه لهم رب السما
[106] ثم تجلَّى جهرة مسلِّما
يرونه كما يرون الشمس في
[107] ظهيرة صحوًا بلا تكلُّف
هناك عن كل النعيم اشتغلوا
[108] وكل ما هم فيه عنه ذهلوا
يقول ما اشتهيتموه فاسألوا
[109] أعطيكموا وما لدي أفضل
حتى بهم تقصر الأماني
[110] وقد أُحِلُّوا أكبر الرضوان
وأُتحفوا بأجزل الإكرام
[111] وانصرفوا بإذن ذي الإنعام
لسوق جنَّة بها ما تشتهي
[112] أنفسهم من كل ملتذ به
فما أرادوا أخذوا لم يصرفوا
[113] شيئًا بها إذ قبل ذا قد أسلفوا
وينشئُ الله لهم سحابا
[114] يمطرهم كواعب أترابا
وانقلبوا منها إلى أهليهم
[115] وقد تضاعف البهاء فيهم
ليس بها لغو ولا تأثيم
[116] عليهمو من ربهم تسليم
فيها خلود غير إخراج ولا
[117] تفنى ولا يبغون عنها حولا
هذا وإن الأشقيا لفي سقر
[118] ألا فساءت المقام والمقر
يؤتى بها في موقف القيام
[119] سبعون آلاف من الزمام
زُمَّت بها كل زمام في يدي
[120] سبعين ألف ملك مؤيد
¥