[الإيمان بالله]
ـ[أبو حاتم المدني]ــــــــ[25 - 04 - 09, 10:04 م]ـ
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله > تسليما مزيدا
أما بعد:
إن الله سبحانه لم يخلق خلقه عبثا, ولم يتركهم سدى, بل خلقهم لغاية عظيمة, وحكمة جليلة, عليها قام سوق الجنة والنار, وبها أنزلت الكتب وأرسلت الرسل, ألا وهي الإيمان بالله ?, فهو مفتاح الدعوة الإلهية, وزبدة الرسالة النبوية.
قال أبو عمر ابن عبد البر النمري قال رجل للشافعي: أي الأعمال عند الله أفضل؟ قال: ما لا يقبل عمل إلا به. قال: وما ذاك. قال: الإيمان بالله هو أعلى الأعمال درجة, وأشرفها منزلة, وأسناها حظا.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((أصل العلم الإلهي ومبدؤه ودليله الأول عند الذين آمنوا هو الإيمان بالله ورسوله)) الفتاوى (2/ 1)
والإيمان بالله ? تحقيقه يتم بثلاثة أمور:
الأمر الأول: إفراده في ألوهيته, فلا يُعبد إلا الله وحده لا شريك له في عبادته.
الأمر الثاني: إفراده في ربوبيته, فلا خالق ولا مالك ولا مدبر إلا الله وحده لا شريك له.
الأمر الثالث: إفراده في أسمائه وصفاته, فيُثبت لله ما أثبته لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله r من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
وهذه الأمور الثلاثة متلازمة بالنسبة للعبد, فمن جاء بتوحيد الألوهية ولم يأت بتوحيد الربوبية فإنه لا يكفيه, وهو ليس مؤمنا بالله ?,وهكذا حتى يأتي بالثلاثة مجتمعة.
وتحقيق الإيمان بالله يُوفِّق الله إليه من عباده من شاء هدايته وكان من الشاكرين كما قال تعالى {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشكرين}
ولفظة الإيمان بالله عند الإطلاق تشمل الدين كله كما في حديث وفد عبد القيس في الصحيحين ولفظه: عن ابن عباس t أن النبي r قال لوفد عبد القيس؛ عندما سألوه عن أمور الدين؛ فأمرهم: (بالإيمان بالله وحده) وقال: (أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وتعطوا الخمس من المغنم).
وفي حديث أبي هريرة t أن رسول الله r سئل: أي العمل أفضل؟ فقال: ((إيمان بالله ورسوله)) قيل: ثم ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)) قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حج مبرور))
أما عند التقييد, كقرنها بالإسلام أو غيره, فيراد بالإيمان الأمور الباطنة المتعلقة بالاعتقاد؛ لما جاء في حديث جبريل في الصحيحن ولفظه: قال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله r : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت. قال فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت.
والله أعلم, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم