فكيف إذا كان الكذب مقروناً بالحلف، هذا لاشك أنه أعظم، وهذا يسمى "اليمين الغموس"، واليمين الغموس سميت بهذا؛ لأنها تغمس صاحبها في النار، أو في الإثم والعياذ بالله، ولذلك لا تُكفر أعظم من أن تُكفر، ليست كسائر الأيمان، الأيمان التي يريد الشخص نكثها فإنه يكفرها لكن اليمين الغموس لا تُكفر؛ لأنها أعظم من أن تكفر لأن اليمين الغموس هو أن يحلف على شيء ماضٍ وهو يعلم أنه كاذب، فيقول: والله ما فعلت كذا وهو قد فعل، أو والله إني فعلت كذا وهو لم يفعل.
48 - ثم وجه للمحلوف له (ومن حُلِفَ له بالله فليرضَ) أنت إذا كان بينك وبين شخص شيء أو حلف لك بالله -سبحانه وتعالى- فيجب عليك أن ترضى (ومن لم يرضَ فليس من الله) فهنا تهديد وبيان للوعيد الشديد لمن حُلِفَ له بالله ثم لم يرضَ، قد يأتيك شخص ويقول: والله ما فعلت كذا، يجب أن ترضى تعظيماً لله -سبحانه وتعالى- تعظيماً للمحلوف به (من لم يرضَ فليس من الله في شيء) وخاصة إذا جاء إنسان يعتذر أو نحو ذلك فحلف فيجب عليك أن ترضى تعظيماً لله -سبحانه وتعالى- وهذا من التوحيد، ومن العقيدة السليمة ومن الإيمان القوي أن ترضى بهذا الحلف تعظيماً لله -عز وجل- أما إذا لم يرضَ الشخص فهذا دليل على ضعف إيمانه وضعف توحيده.
وهنا يمكن أيضاً أن نتطرق إلى هل يجب على الشخص أن يرضى بكل حلف من أي شخص يعني فأي شخص حلف له بالله يرضى مطلقاً، وإذا لم يرضَ فإنه آثم أو هناك تفصيل؟
قال العلماء: هنا تفصيل فإن الأصل في الشخص أن يرضى وإذا لم يرضَ فإنه آثم وهناك شيء يتعين عليك فيه الرضا مثل إذا توجهت إليه اليمين من الناحية الشرعية، اليمين على من أنكر، إذا لم يكن عنده بينة، البينة على المدعي واليمين على من أنكر، فإذا لم يكن عنده بينة فتوجهت اليمين عليه فيجب أن يرضى بها، ولا يقول: لا أرضى، هذا شرعًا يجب أن يرضى به؛ لأن هذا حكم شرعي.
أما في أحوال الناس العادية فهنا يجب أن يرضى باليمين إلا في حالة إذا كان الحالف معروف عنه الاستخفاف بالحلف، استخفاف بالحلف بالله -سبحانه وتعالى- أو أنه يكذب ولا يبالي ومعروف عنه أنه يكذب في الحلف ويستخف بالحلف بالله -سبحانه وتعالى- فهنا لا يجب عليه أن يقبل هذا الحلف لا لأنه لم يعظم المحلوف به وهو الله -سبحانه وتعالى- بل لأنه يعلم أن هذا الحالف قليل الدين وضعيف الإيمان ولا يبالي أن يكذب ولاسيما إذا كان كافراً كما يعني ورد في الحديث أنه قال اليهود: (تقسمون عليكم خمسين يميناً فقالوا: إنهم يكذبون) فالذي لا يتورع عن الكذب، لا يلزمك أن تقبل يمينه أما إذا كان الشخص لا تعرف عنه الكذب فيجب عليك أن تقبل هذا اليمين تعظيماً لله -سبحانه وتعالى-.
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[14 - 06 - 09, 02:41 م]ـ
أختي الفاضلة أم حنان ... جزاك الله خيرا على هذا الجهد الطيب .. وهل من الأفضل والأيسر عليكأنتجعليه كاملا في ملفوورد ثم ترفعينه هاهنا ... أسأل الله لك كلتوفيق وسداد ...
ـ[أم حنان]ــــــــ[14 - 06 - 09, 10:39 م]ـ
جزاك الله خيرا
سأجعله في ملف بعد الإنتهاء إن شاء الله تعالى.
49 - وذكر هنا حديث قتيلة الجهنية وفيه أن يهودياً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة) سبحان الله!! انظر كيف أتى هذا الانتقاد من يهودي، فاليهود ينتقدون الشرك الأصغر على المسلمين ويقعون في الشرك الأكبر، وهذا دليل على أن آهل الأهواء قد يعلمون الحق ولكنهم لا يتبعونه، فهم عرفوا إذا كان إنسان صاحب هوى يعرف الصواب من الخطأ ولكن ليس الشأن في المعرفة، وإنما الشأن في الإتباع والعمل، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: (ورب الكعبة، وأن يقول: ما شاء الله ثم شئت).
قال: وله أيضاً عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده)).
¥