من سقيمها ويظهر عوجها من مستقيمها "
قال مقيده عفا الله عنه: فلا تستغرب بعد هذا أيها السني إذا رأيت جماعة فودة وأصحابه يبالغون في وصفه، كوصفه بالعلامة والنظار والمتكلم ونحو ذلك، لأن من كان مضطرباً حائراً ثم جاء من أخرجه من حيرته؛ لا شك أن له عنده منزلة لا تضاهى.
ولا تستغرب أيضاً من طريقة فودة المضحكة في شرح كلام ابن تيمية لأن هؤلاء الذين يكتب لهم أعاجم لا يستطيعون فهم كلام ابن تيمية وحدهم.
فإن قال قائل: لا بد من رد على هذا الكتاب حتى نصحح تصورات هؤلاء المشايخ عن ابن تيمية بعد أن أفسدها فودة؟
والجواب: أن هؤلاء المشايخ ما داموا على بدعتهم، فالأولى أن ندعوهم لتصحيح عقيدتهم بأن يلتزموا الكتاب والسنة وإجماع السلف، ويتركوا التقليد الأعمى، فإن فعلوا تصحح تصورهم عن ابن تيمية تبعاً، وهذا ظاهر.
فالحاصل أن الكتاب كما يصرح مؤلفه لتصحيح تصورات مشايخ الأشعرية المعاصرين عن ابن تيمية، ونحن لا يهمنا هذا في شيء، فلم ينتظر منا رداً عليه؟!.
الملاحظة الثانية: إذا علمت أن الكتاب موجَّهٌ للأشعرية المعاصرين، ليصححوا تصورهم عن ابن تيمية، فإن المؤلف اعتمد في محاكمة عقائد ابن تيمية إلى الطواغيت المشتركة بينه وبين هؤلاء المشايخ، ومنها: دليل حدوث الأجسام، الذي يُلزَم من أنكره وخالف مقتضياته أن يكون مجسماً.
ولذلك استنصر في مقدمة الكتاب بأصحابِهِ من الرافضة والمعتزلة، إذا الجميع يشترك في صحة التحاكم إلى هذه الطواغيت: " لم يختلف معهم لا المعتزلة ولا الشيعة ولا الزيدية ولا الإباضية ولا غيرهم من الفرق الإسلامية "
فلم يرجع هذا المؤلف الجهمي لا لكتاب ولا سنة، ولم يحاكم ابن تيمية إليهما، وإنما حاكمه إلى طواغيت جاهلية وأصول بدعية لا وزن لها عند المسلم السني، وكذا لم يرجع إلى إجماع السلف، وإنما ذنب ابن تيمية عنده أنه خالف إجماع الرافضة والمعتزلة والأباضية والأشعرية والماتريدية!.
ولا يخفى عليك أن التحاكم إلى هذه الطواغيت لا يرفع خلافاً ولا يحل نزاعاً، وإنما يزيد في هوة الخلاف وشقة النزاع.
ولو كان المؤلف يحاكم عقائد ابن تيمية إلى الكتاب والسنة، ثم أثبت أنه خالفهما في أصل من أصول عقائده، لوجد الجميع منصاعين لكلامه، إذ هذه الحكومة يرضى بها كل مسلم.
فنحن لا نرضى بيننا وبينكم حكماً إلا كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، فإن شئتم إزالة الخلاف وردم الفرقة فهلموا إلى التحاكم إليهما.
قال تعالى: " ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً ".
وقال تعالى: " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ".
ولله در ابن القيم حين قال في بيان معنى الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
ويُحكِّم الوحي المبين على الذي= قال الشيوخ فعنده حكمان
لا يحكمان بباطل أبدا وكل=لعدل قد جاءت به الحكمان
وهما كتاب الله أعدل حاكم= فيه الشفا وهداية الحيران
والحاكم الثاني كلام رسوله=ما ثم غيرهما لذي ايمان
فاذا دعوك لغيرِ حُكمهمَا فلا=سمعاً لداعي الكُفر والعصيان
قل لا كرامة لا ولا نعمى ولا=طوعاً لمن يدعُو الى طغيانِ
وإذا دعيت الى الرسول فقل لهم= سمعاً وطوعاً لست ذا عصيان
الملاحظة الثالثة: المؤلف رَوَّج في هذا الكتاب لنفسه كثيراً، وقد نجح في ذلك، حيث رفع بكتابه هذا ذكره بين أصحابه، ولناظر أن يدخل إلى منتداه على الشبكة ويرى احترامهم له، وهذا ليس بغريب، وإنما الغريب أن يحاول هذا المغرض أن يروج لنفسه بين أهل السنة والحديث، فانظر إلى قوله في آخر كتابه ص490: " ونعتقد أننا بهذا العمل نكون قد أسدينا خدمة جليلة إلى أتباع ابن تيمية، وذلك بجمع شتات أفكاره وتنظيم مقدماته وغايته، وعرض خلاصة عقيدته ..
فالكثير من أتباعه ليست لديهم الهمة والكفاءة لتعقب كلامه، واستجماع أفكارهم لفهم ما يريد، ونحن قد تكفلنا بهذه المهمة عنهم، وبذلك فإننا نفتح الباب أمامهم لإكمال ما بدأناه وسد ما من الخروم تركناه ".
قال مقيده عفا الله عنه: ألم تدر أيها الجهول أن كتب شيخ الإسلام رحمه الله شاعت بين أهل السنة في مشارق الأرض ومغاربها يعكفون عليها حفظاً وفهماً ومدارسة؟ وهل تظنهم مثل أصحابك الجهلة بحاجة لجهميٍّ مثلك ليفهمهم كلام ابن تيمية؟
أما الكلام في الهمة والكفاءة، فلا أدري كيف يجوز لمثلك الكلام فيه!.
هذا ما أردت ذكره بهذا الصدد، ولعل الأخوة الذين تحملوا ثرثرة فودة وقرأوا الكتاب كله وقفوا على حقائق غير ما ذكرت، والله المستعان.
ـ[محمد براء]ــــــــ[10 - 05 - 09, 10:14 م]ـ
لدي ملاحظة أخرى على مقدمة المؤلف:
وهي أنه وعد - أو توعد - بأنه سيؤلف الكاشف الكبير " الذي يحتوي على الرد على آرائه بالأدلة الواضحة ونقض كتبه كتاباً كتاباً " قال: " بتوفيق الله تعالى!! " ص18.
قلت: انقضت تسع سنوات على هذا التوعد ولم نر شيئاً!.
وتأمل أنه توعد بنقض كتب ابن تيمية كتاباً كتاباً ..
أي أن بيان تلبيس الجهمية يدخل في ذلك ..
والتسعينية .. ومنهاج السنة .. بل العقل والنقل!.
ما أصعبها يا سعيد!.
فإن كنت سعيداً حقاً فأرِنَا من أنت وأنجز وعدك هذا!.
ونحن في الانتظار ..
ولدي ملاحظة أخرى عن علاقة فودة بالسقاف سأكتبها لاحقاً بإذن الله ..
¥