تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما القفز إلى النص ـ منطوق القرآن أو السنة ـ مباشرة وفهمه بمقدمات عقلية أو لغوية أو عرفية خاصة ببيئة المتكلم فهذا مما لا يقبل بحال.

ومن فعلَ هذا نرده بأننا تلقينا وحيين ـ كتابا وسنة ـ، وقد كان هناك قوم شاهدوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسمعوا منه ورأوا من أحواله وأفعاله ما يجعلهم أكثر الناس دراية بمراد الله من خطابه؛ فليس السامع الغائب كالسامع الشاهد، ومات رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو راض عنهم وزكاهم ربهم وأمرنا بإتباع سبيلهم قال الله: (فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة: 137) وقال الله (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً) (النساء: 115)

فنحن نرفض تماما التعامل مع منطوق القرآن والسنة بغير السياق العام الذي نزل فيه أعني التطبيق العملي المتمثل في فعل الصحابة رضوان الله عليهم ومعهم إمامهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

وأضرب مثالا أبين به قولي:

آيات الحجاب ـ وهي مما يكثر حولها دندنة القوم ــ أعني قول الله تعالى: ( ..... وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ .... الآية) (الأحزاب: 53) وقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) (الأحزاب: 59) وقول الله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولى .... ) (الأحزاب: 33) وقول الله تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ .... الآية) (النور: 31)

هذه الآيات لها سياق نزلت فيه وتفهم دلالتها من خلاله ... المنافقون على نواصي الطرقات وبالأزقة يتحرشون بالسافرات

من النساء حين يخرجن ليلا لقضاء الحاجة، وعمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ـ يطالب بضرب الستر بين الرجال والنساء كي لا يرى الرجال أبدانهن ـ وهن العفيفات الطاهرات أمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضي الله عنهن أجمعين ـ ولا يرى النساء أشخاص الرجال ــ وهم صحابة النبي الكرام ــ ونزلت الآيات فشق النساء مروطهن وتخمرن بها (20) ... وأصبحن كالغرابيب لا يُعرفن ولا يرى منهن شيء لا بوصف ولا بكشف، ولا تطمع فيهن عين لزينة في الثياب أو زينة تسمع أو ترى من تحت الثياب وقد فارقن بهذا الثياب الكافرات، فلم يكن الأمر اقتباس من عادات الجاهلية كما يدعي الجهلة من المثقفين اليوم، ولا سرقة من ثقافة اليهود بل تشريع من رب العالمين للصادق الأمين وصحابته الأكرمين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أقول من المعلوم أن التشريع في الإسلام ارتبط بالحركة؛ وأن الوحي كان يتنزل بناء على الأحداث لتوجيهها أو لتصحيحها، ولم ينزل القرآن مرة واحدة، ولم يكن المراد من الوحي هو مجرد التلاوة والإقرار بما يحمله من أحكام دون الامتثال العملي، فكيف ــ مع هذا كله ــ يؤخذ منطوق القرآن والسنة النبوية بمعزل عن ملابسات أسباب النزول، وامتثال الصحابة للأمر والنهي؟!

كيف مع هذا كله نسمع لعباس العقاد ونقف بعيداً عن سلفنا الصالح نخالفهم أو نناطحهم، بأي دعوى.!!

إن العقاد بعيد

أبو جلال / محمد بن جلال القصاص

الأحد

23 /جمادى الأولى /1430

الموافق 24/ 05 /1430

========الهوامش ======================= [1]

(1) تكلم العقاد عن الفلسفة الإسلامية في أكثر من كتاب.

(2) التفكير ضرورة شرعية (ضمن المجلد الخامس من موسوعة عباس العقاد الإسلامية طبعة دار الكتاب لبنان) / 829

(3) التفكير فريضة إسلامية / 870

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير