-فيكون التبرك شركا اكبر. اذا طلب بركتها. معتقدا انه بتمسحه بهذا الشجر او الحجر. او القبر او تمرغه عليه. او التصاقه به يتوسط له عند الله.فاذا اعتقد فيه انه وسيلة الى الله فهذا اتخاذ اله مع الله جلا وعلا وشرك اكبر. وهذا هو الذي كان يعتقده اهل الجاهلية في الاشجار والاحجار التي يعبدونها.وفي القبور التي يتبركون بها. يعتقدون انهم اذا عكفوا عندها. وتمسحوا بها. او نثروا ترابها على رؤوسهم. فان هذه البقعة. او صاحب هذه البقعة. انه يتوسط له عند الله جل وعلا.فهذا الفعل اذا رجع الى اتخاذ الانداد مع الله جل وعلا.وقد قال سبحانه * والذين اتخذوا من دونه اولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى * الاية.
المتامل في كلام الشيخ يجد ان هذا التبرك لا يخرج عن مسالة الاسباب ومسبباتها. يتضح ذلك بذكر صورتين للمسالة لا يخرج هذا التبرك عنهما.
الاولى – اما ان يجعل المتبرك الشيء المتبرك به سببا يقربه ويوصله الى الله فيصرف عبادة له فيكون تبركه شركا لاجل هذه العبادة المصروفة. لا لاجل الاعتقاد في السبب انه سبب.ويستدل لهذا بالاية التي ذكرها الشيخ.
الثانية- ان ياتي بنفس الاعتقاد السابق لكن لا يصحبه صرف عبادة بل يكون تبركه بفعل اصله في الشرع انه مباح كالتمسح وتعليق الاسلحة كما في قصة ذات انواط.فلو قلنا ان هذا شرك اكبر لزمنا اجراء الحكم في جميع الصور في مسالة الاسباب. اي من اتخذ سببا لم يجعله الله عز وجل سببا لا شرعا ولا حسا كان كافرا كفرا اكبر. وهذا لا يستقيم لانه يلزم منه تكفير اهل البدع برمتهم لانهم يتعبدون لله ويتقربون باعمال لم يجعلها الله عز وجل اسبابا تقرب اليه. ومن فرق بين هذه الصور لزمه دليل شرعي على التفرقة. وهذا النوع من التبرك الخالي من صرف العبادة لا يصح الاستدلال بالاية السابقة عليه.
-وكذا يمكن ان يستدل على هذا النوع على انه ليس بشرك مخرج من الملة بان الشرك اما ان يكون في الربوبية او الالوهية او الاسماء والصفات.
-اما انه شركا في الربوبية- فلا يصح لان المشركين يعتقدون ان النافع والضار هو الله.
-اما في الالوهية- فلا يصح لانه لاتوجد عبادة مصروفة.
-اما الاسماء والصفات- فكذلك لا يصح لان المتخذ للسبب الذي ليس بسبب شرعا ولا حسا لايثبت في السبب ما هو من خصائص الله عز وجل في باب الاسماء والصفات.
-وكذلك لا يقال ان اتخاذه ذلك السبب تنقصا لله يخرج به صاحبه عن الاسلام. لانه يلزم من هذا. ان كل من اتخذ سببا ليس بسبب يكون قد تنقص الله عزوجل تنقصا يخرج به عن الاسلام.والله اعلم.
فالخلاصة/ ان تبرك المشركين انما كان كفرا اكبرا لاجل صرفهم العبادة لغير الله. فيصح على هذا ان يقال ان عبادة المشركين لالهتهم افرادها كلها تدخل تحت مسمى التبرك لانهم ما عبدوها الا وهم يرجون من عبادتها حصول البركة والنفع كما في الاية.
اشكال/
فهل اتخاذ الاسباب التي لم يجعلها الله عز وجل اسبابا شرك في التوحيد.
ان جعلنا الشرك من باب التشريع وجعل السبب سبب. فهذا خاص بالله عزوجل. ومن ادعى انه يخلق السبب ويجعله مؤثر كان كفره كفرا اكبر. ومن شرع سببا من عنده مضاهيا لله في التشريع كان ذلك كذلك كافرا كفرا اكبر لان التشريع حق للرب عز وجل.تبقى الصورة مطروحة في الذي يتخذ السبب ويقول انه مؤثر معتقدا ان الله عزوجل جعله سببا مؤثر سواء شرعا او قدرا. فاين صورة الشرك في هذه الحالة.
و لما لا يجرى هذا في جميع صور المسالة. فيقال كل من اتخذ سببا لم يجعله الله عزوجل سببا قد اشرك.فيدخل في ذلك كل من تعبد ببدعة صغيرة كانت او كبيرة.لان الله عز وجل لم يجعلها اسبابا.بل يدخل في هذا ما هو اقل من هذا لمن تامل المسالة.
وهل يصح هذا الضابط/
من اتخذ سببا لم يجعله الله عز وجل سببا رجاء النفع الدنيوي من الله كان شركا اصغر قياسا على التمائم والودائع ونحوها. لانه يرجى فيها النفع الدنيوي.
اما من اتخذ سببا لم يجعله الله عز وجل سببا رجاء الثواب والقربة كان ذلك معصية وذنبا. لان هذه الصورة تصدق على البدع كبيرها وصغيرها ما لم تصل لى درجة الشرك.
ومع هذا يبقى الاشكال قائما في النوع الاول –
هل كل من اتخذ سببا لم يجعله الله عز وجل سببا رجاء النفع الدنيوي يكون فعله ذلك شركا اصغر. ولو كان فاعل ذلك مخطئا لعظم الشبهة في السبب على انه يحدث النتيجة كاختلاف الناس في دواء بعينه هل جعله الله عز وجل مؤثرا قدرا في ذلك الداء ام لا.
وهل يفرق على هذا بين ما تعظم فيه الشبهة ويكون محل خلاف بين الناس هل هو سبب ام لا.
فنخلص بالنتيجة التالية/
ان من اتخذ سببا لم يجعله الله عز وجل سببا رجاء النفع الدنيوي يكون فعله كفرا اصغر اذا كان ذلك السبب ليس سببا عند عقلاء الناس وليس فيه كبير شبهة يتعلق بها من اتخذه سببا. فان كان محل خلاف العقلاء او فيه شبهة ظاهرة كان متخذه مخطئا لا مشركا. والله اعلم.
هل يستقيم هذا الكلام
ارجو من الاخوة الافادة في الموضوع وابداء النصيحة لمن كان عنده علم في المسالة. فالمسالة والله التبست علي لبسا عظيما.
سبحانك اللهم بحمدك استغفرك واتوب اليك.
¥