تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون

فقد أخبر سبحانه أن ولي المؤمن هو الله ورسوله وعبادة المؤمنين وهذا عام في كل مؤمن موصوف بهذه الصفة سواء كان من أهل نسبة أو بلدة أو مذهب أو طريقة أو لم يكن وقال الله تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض وقال تعالى إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض إلى قوله والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وقال تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا إلى قوله تعالى فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون

وفي الصحاح عن النبي أنه قال مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر وفي الصحاح أيضا أنه قال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين اصابعه وفي الصحاح أيضا انه قال والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وقال صلى الله عليه وسلم المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه وأمثال هذه النصوص في الكتاب والسنة كثيرة

وقد جعل الله فيها عباده المؤمنين بعضهم أولياء بعض وجعلهم إخوة وجعلهم متناصرين متراحمين متعاطفين وأمرهم سبحانه بالائتلاف ونهاهم عن الافتراق والاختلاف فقال واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وقال إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله الآية فكيف يجوز مع هذا لأمة محمد أن تفترق وتختلف حتى يوالي الرجل طائفة ويعادي طائفة أخرى بالظن والهوى بلا برهان من الله تعالى وقد برأ الله نبيه ممن كان هكذا

فهذا فعل أهل البدع كالخوارج الذين فارقوا جماعة المسلمين واستحلوا دماء من خالفهم

وأما أهل السنة والجماعة فهم معتصمون بحبل الله وأقل ما في ذلك أن يفضل الرجل من يوافقه على هواه وإن كان غيره أتقى لله منه

وإنما الواجب أن يقدم من قدمه الله ورسوله ويؤخر من أخره الله ورسوله ويحب ما أحبه الله ورسوله ويبغض ما أبغضه الله ورسوله وينهى عما نهى الله عنه ورسوله وأن يرضى بما رضي الله به ورسوله وأن يكون المسلمون يدا واحدة فكيف إذا بلغ الأمر ببعض الناس إلى أن يضلل غيره ويكفره وقد يكون الصواب معه وهو الموافق للكتاب والسنة ولو كان أخوه المسلم قد أخطأ في شيء من أمور الدين فليس كل من أخطأ يكون كافرا ولا فاسقا بل قد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان وقد قال تعالى في كتابه في دعاء الرسول والمؤمنين ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وثبت في الصحيح أن الله قال قد فعلت

لا سيما وقد يكون من يوافقكم في أخص من الإسلام مثل أن يكون مثلكم

على مذهب الشافعي أو منتسبا إلى الشيخ عدي ثم بعد هذا قد يخالف في شيء وربما كان الصواب معه فكيف يستحل عرضه ودمه أو ماله مع ما قد ذكر الله تعالى من حقوق المسلم والمؤمن

وكيف يجوز التفريق بين الأمة بأسماء مبتدعة لا أصل لها في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم

وهذا التفريق الذي حصل من الأئمة علمائها ومشائخها وأمرائها وكبرائها هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله كما قال تعالى ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة البغضاء

فمتى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب

وجماع ذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جيمعا ولا تفرقوا إلى قوله ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون المعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون فمن الأمر بالمعروف الأمر بالائتلاف والاجتماع والنهي الاختلاف والفرقة ومن النهي عن المنكر إقامة الحدود على من خرج من شريعة الله تعالى

فمن اعتقد في بشر أنه إله أو دعا ميتا أو طلب منه الرزق والنصر والهداية وتوكل عليه أو سجد له فإنه يستئاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه

ومن فضل أحدا من المشائخ على النبي صلى الله عليه وسلم أو اعتقد أن أحدا يستغني عن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم استتيب فإن تاب وإلا ضربت عنقه

وكذلك من اعتقد أن أحدا من أولياء الله يكون مع محمد كما كان الخضر مع موسى عليه السلام فإنه يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه لأن الخضر لم يكن من أمة موسى عليه السلام ولا كان يجب عليه طاعته بل قال له إني على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه وكان مبعوثا إلى بني إسرائيل كما قال نبينا وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ومحمد مبعوث إلى جميع الثقلين إنسهم وجنهم فمن اعتقد أنه يسوغ لأحد الخروج عن شريعته وطاعته فهو كافر يجب قتله. انتهى المقصود.

يستطيع اي طالب علم ان ياخذ راي ابن تيمية في المسالة بجمع عباراته الدقيقة.

هدانا الله واياكم لما يحبه ويرضاه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير