تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* غير أن ما يثير السخرية حقا أن تلك المحاولة لمحاكاة القرآن الكريم ومشابهته، جاءت ركيكة على نحو مخجل، في نظم الكلام وألفاظه، وأساليبه ومعانيه، مع الأخطاء في اللغة والاشتقاق، مما يدل على أن من ألف هذا الكتاب، ليس له معرفة بأساليب العرب وبيانهم، يشعر بذلك أدنى من له تذوق للسان العربي، فضلا عن الضعف المخزي في بلاغة النظم، وبديع البيان، فسبحان من خذل أعداء الله تعالى مع ما عندهم من وسائل القوة وأسبابها، ومع ما نعرفه من تمكن نصارى العرب في اللغة، وصدق الله القائل: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}.

* ومما يلاحظ في الكتاب، أنه موجه للمسلمين خصوصا، وهذا أمر غريب حقا، فالدعوة فيه إلى النصرانية، لم تستهدف أحدا سوى المسلمين، فلم تخاطب الأمم الوثنية، أو تلك الملحدة، مع أن تلك الأمم ـ بكل حال ـ أشد كفرا بالله تعالى وبعدا عن ملته، إذ هي لا تؤمن بالله، ولا كتبه، ولا رسله، ولا ملائكته، ولا اليوم الأخر، فهي أحق أن تدعى، أو على أقل تقدير أن يوجه لهم من الدعوة بقدر ما وجه للمسلمين، وأن يبين ضلال عقائدهم كما فعلوا مع المسلمين.

وأغرب من هذا أن الكتاب وهو موجه لدعوة المسلمين، فإنه يصدر أحكاما نهائية عليهم، بأنهم خاسرون، وأنهم من أهل النار، جاء في الكتاب: " وأوردكم جهنم جميعا وإنْ منكم إلا واردها وكان عليه أمرا مقضيا ..... وطبع الشيطان على قلوبكم وسمعكم وأبصاركم فأنتم قوم لا تفقهون. لا جَرَمَ أنكم في الآخرة أنتم الخاسرون " (المنافقون: 3، 6) فكيف يصح بعد هذا كله أن يكون كتاب دعوة للمسلمين.

* هذا الكتب ليس فيه أي أثارة من تسامح، على ما يزعم النصارى في دينهم، فهو كتاب قائم على البذاءة والشتيمة والوقيعة بفحش وإقذاع، على نحو مبالغ فيه، ينزه عن مثله الوحي الإلهي، ولا تكون مثل هذا البذاءة إلا من السوقة وسفلة الناس، ومن نظر في الكتاب ولو على عجل لن يخطئه هذا الشعور بتلك البذاءات الواردة فيه، فالكتاب يفيض بالبذاءات في حق الرسول –صلى الله عليه وسلم-، فهو ـ في زعمهم ـ كافر ومنافق وضال، وسارق وقاتل، ومرجعه النار، وأتباعه منافقون كفرة ضالون، قتلة، ومصيرهم النار، جاء في هذا الكتاب وهو يصف شريعة المسلمين:" فشرعة أهل الكفر شرعة قومٍ حفاة، عراة، غزاة، زناة، أميين مفترين ومعتدين ضالين ظالمين" (سورة الجنة 14 - 266)، وأما الجنة التي وعد الله بها عباده المؤمنين كما في القرآن الكريم فقد وصفها بالآتي: "فهم في كهوف تعج بالقتلة والكفرة والزناة يتمرغون في حمأة الفجور، تلفحهم زفرات الغرائز، وتسوطهم شهوة البهائم، فهم في الرجس والموبقات غارقون وفي شغل فاكهون، متكئون على سرر مصفوفة، والمسافحات مسجورات في المواخر يطوف عليهم ولدان اللواط بأكواب الرجس والخمر الحرام، يلغُون فيها، فلا هم يطفئون أوارهم ولا هم يرتوون" (الجنة 3، 4 - 262 - 263) فهل يجوز أن تكون هذه البذاءات والفحش في الكلام وحيا إلهيا يخاطب الناس ويدعوهم إلى الإيمان والهدى، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.

* وفضلا عن هذا فالكتاب المزعوم يسلب عن محمد –صلى الله عليه وسلم- ودينه وأتباعه، أي أثارة من حق، وأي بقية من خير، وهذا ليس من العدل والإنصاف الذي هو من صفة الوحي الإلهي، القائم على العدل حتى مع كفار المشركين وأهل الكتاب، ومن المقطوع به أن عقلاء العالم على مر التاريخ ـ مهما كانت درجة مخالفتهم للإسلام ـ لم يزالوا يعرفون للنبي –صلى الله عليه وسلم- فضله وفضل شرائعه التي جاء بها، ومنكر هذا كمن يحجب الشمس بيده، لقد زُعم في هذا الكتاب أن محمدا –صلى الله عليه وسلم- لم تكن له أي حسنة ولم يدع إلى أي فضيلة وبر وعدل وإنصاف، وهذه كذبة كبرى لا يجرؤ عليها حتى الشيطان الرجيم، ذلك أننا نعلم يقينا أن كثيرا من الفضائل التي جاء بها النبي –صلى الله عليه وسلم- وتضمنها القرآن الكريم مما تتفق عليه الملل الإلهية جميعا، ومنها النصرانية على ما فيها من تحريف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير