تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل السبكي (الابن) الأشعري الصوفي كان تلميذاً عاقاًّ لشيخه الحافظ الذهبي السلفي؟

ـ[الباحث]ــــــــ[12 - 07 - 09, 03:49 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كل من يقرأ كلمات السبكي الابن (ت 771 هـ) يُصاب بالذهول والدهشة من عقوق هذا التلميذ لشيخه الحافظ الذهبي (ت 748 هـ)، وذلك لما بينهما من المنافرة في الاعتقاد.

فالشيخ سلفي، والتلميذ أشعري صوفي غارقٌ في التعصب.

إليك بعض الكلمات لهذا التلميذ العاق في الحافظ الذهبي رحمه الله:

- ( ..... وأما تاريخ شيخنا الذهبى غفر الله له فإنه على حسنه وجمعه مشحون بالتعصب المفرط لا واخذه الله فلقد أكثر الوقيعة فى أهل الدين أعنى الفقراء الذين هم صفوة الخلق واستطال بلسانه على كثير من أئمة الشافعيين والحنفيين ومال فأفرط على الأشاعرة ومدح فزاد فى المجسمة هذا وهو الحافظ المدره والإمام المبجل فما ظنك بعوام المؤرخين ... ) قاعدة في المؤرخين للسبكي.

- (والحال فى حق شيخنا الذهبي أزيد مما وصف وهو شيخنا ومعلمنا غير أن الحق أحق أن يتبع وقد وصل من التعصب المفرط إلى حد يسخر منه، وأنا أخشى عليه يوم القيامة من غالب علماء المسلمين وأئمتهم الذين حملوا لنا الشريعة النبوية، فإن غالبهم أشاعرة وهو إذا وقع بأشعري لا يبقي ولا يذر، والذي أعتقده أنهم خصماؤه يوم القيامة عند من لعل أدناهم عنده أوجه منه، فالله المسئول أن يخفف عنه وأن يلهمهم العفو عنه وأن يشفعهم فيه).

وانظر في المقابل بعض الكلمات الذهبية لشيخ الإسلام ابن تيمية شيخ الذهبي رحمهما الله في الأشاعرة مما يثبت إنصافه وعدله مع الخصوم:

- في بيان تلبيس الجهمية (2/ 87): (وان كان في كلامهم من الادلة الصحيحة وموافقة السنة ما لا يوجد في كلام عامة الطوائف فانهم اقرب طوائف أهل الكلام الى السنة والجماعة والحديث وهم يعدون من اهل السنة والجماعة عند النظر الى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم بل هم اهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون اهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم).

- وفي درء تعارض العقل والنقل (1/ 283): (ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة وحسنات مبرورة وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف).

- وفي مجموع الفتاوى (6/ 55): (وهم في الجملة أقرب المتكلمين إلى مذهب أهل السنة والحديث).

- وفي مجموع الفتاوى (8/ 230) عندما تكلم عن أبي إسماعيل الأنصاري: (ويبالغ في ذم الأشعرية مع أنهم من أقرب هذه الطوائف إلى السنة).

- وفي درء تعارض العقل والنقل (3/ 251): (فإن الكلابية والكرامية والأشعرية أقرب إلى السنة والحق من جهمية الفلاسفة والمعتزلة ونحوهم باتفاق جماهير المسلمين وعوامهم).

بل ويثني على جهود علماء الأشاعرة في نصرة الإسلام:

فيقول في درء تعارض العقل والنقل (4/ 227): (فإن الواحد من هؤلاء له مساع مشكورة في نصر ما نصره من الإسلام والرد على طوائف من المخالفين لما جاء به الرسول فحمدهم والثناء عليهم بما لهم من السعي الداخل في طاعة الله ورسوله وإظهار العلم الصحيح الموافق لما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم والمظهر لباطل من خالف الرسول).

- وفي النبوات (1/ 159): (فإن لهم حسنات وفضائل وسعياً مشكوراً وخطؤهم بعد الاجتهاد مغفور).

بل ويثني عليه عندما يقارنهم بالمعتزلة:

فيقول في مجموع الفتاوى (4/ 52):

(وأهل الإثبات من المتكلمين - مثل الكلابية والكرامية والأشعرية - أكثر اتفاقاً وائتلافاً من المعتزلة).

بل ويثني عليهم عندما يقارنهم بالجهمية والضرارية والنجارية من الطوائف المخالفة للسلفية في الصفات:

- مجموع الفتاوى (3/ 103): (والكلابية والأشعرية: خير من هؤلاء في باب الصفات).

ورغم التنافر العقدي بين ابن تيمية (السلفي) والسبكي الابن (الأشعري) والباجي (الأشعري) إلا أننا نرى ابن تيمية يتعامل بكل أدب واحترام وتقدير لهؤلاء العلماء:

وقال السبكي (الابن) في كتابه الجميل (طبقات الشافعية الكبرى 194، 342):

(وكان – أي ابن تيمية – لا يعظم أحدا من أهل العصر كتعظيمه له).

وذكر في ترجمة علاء الدين الباجي على بن محمد بن عبد الرحمن - وكان أشعرياً - أنه: (لما رآه ابن تيميه عظمه , ولم يجر بين يديه بلفظة فأخذ الشيخ علاء الدين يقول: تكلم نبحث معك , وابن تيمية يقول: مثلي لا يتكلم بين يديك، أنا وظيفتي الاستفادة منك).

هذا هو شيخ الإسلام وهذه دعوة أهل السنة والجماعة دعوة إنصاف وعدل وصدق مع المؤالف والمخالف.

وأختم الموضوع بكلام السخاوي في بيان حقيقة السبكي فأقول:

لما ذكر السخاوي في كتابه الآنف الذكر " الإعلان بالتوبيخ " منتقدي التاريخ وذكر مراتبهم السته، ذكر المرتبة الخامسة فقال:

" ومنهم من نسب بعضهم إلى التقصير والتعصب؛ حيث لم يستوعب القول فيمن هو منحرف عنهم، بل يحذف كثيرا مما يره مني ثناء الناس عليهم ويستوفي الكلام فيمن عداهم غير مقتصر عليهم ".

ثم قال في نقد هذه المرتبة بعد عدة صفحات:

" فالذي نسب الذهبي لذلك هو تلميذه التاج السبكي، وهو على تقدير تسليمه إنما هو في أفراد مما وقع التاج في أقبح منه؛ حيث قال فيما قرأته بخطه تجاه ترجمة سلامة الصياد المنبجي الزاهد ما نصه:

" يا مسلم استحي من الله، كم تجازف وكم تضع من أهل السنة الذين هم الأشعرية، ومتى كانت الحنابلة، وهل ارتفع للحنابلة قط رأس ".

ثم قال السخاوي معلقا على كلام السبكي:

" وهذا من أعجب العجاب، وأصحب للتعصب، بل أبلغ في خطأ الخطاب؛ ولذا كتب تحت خطه بعد مدة قاضي عصرنا وشيخ المذهب العز الكناني ما نصه:

" وكذا والله ما ارتفع للمعطلة رأس "

ثم وصف التاج بقوله:

" هو رجلٌ قليل الأدب، عديم الإنصاف، جاهل بأهل السنة ورتبهم، يدلك على ذلك كلامه ".

كتاب

" الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ "

للسخاوي

من ص 66 - 93 باختصار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير