[استشكال قول للشيخ حافظ حكمي رحمه الله]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[31 - 07 - 09, 04:23 م]ـ
[استشكال قول للشيخ حافظ حكمي رحمه الله]
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:
قال الشيخ حافظ رحمه الله: س: إذا قيل لنا: هل السجود للصنم والاستهانة بالكتاب وسب الرسول والهزل بالدين ونحو ذلك هذا كله من الكفر العملي فيما يظهر، فلم كان مخرجا من الدين وقد عرفتم الكفر الأصغر بالعملي؟
جـ: اعلم أن هذه الأربعة وما شاكلها ليس هي من الكفر العملي إلا من جهة كونها واقعة بعمل الجوارح فيما يظهر للناس ولكنها لا تقع إلا مع ذهاب عمل القلب من نيته وإخلاصه ومحبته وانقياده، لا يبقى معها شيء من ذلك، فهي وإن كانت عملية في الظاهر فإنها مستلزمة للكفر الاعتقادي ولا بد.
أعلام السنة المنشورة
ووجه الإشكال ظن بعض الإخوة أن الشيخ حافظ حكمي رحمه الله لا يجعل هذه من المكفرات , إلا لاستلزامها اعتقاد أو قل استحلال!
وكان الجواب لهذا الإشكال كما يلي:
1 - الأصل أن يؤخذ كلام العالم في مواضعه المختلفة ويجمع بينها , ولا يصح التعلق بلفظة أو جملة من كلامه.
2 - أنه حكم على هذه الأفعال أنها من الكفر العملي المخرج من الملة , وقوله بالكفر العملي زيادة وأعم من مجرد استلزام الاعتقاد أو الاستحلال.
وقوله بالكفر العملي تأكيد لمذهب أهل السنة في أن الكفر العملي منه المخرج من الملة ومنه غير ذلك.
قال ابن القيم رحمه الله: وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده فالسجود للضم والاستهانة بالمصحف وقتل النبي وسبه يضاد الإيمان وأما الحكم بغير ما أنزل الله وترك الصلاة فهو من الكفر العملي قطعا ولا يمكن أن ينفي عنه اسم الكفر بعد أن أطلقه الله ورسوله عليه فالحاكم بغير ما انزل الله كافر وتارك الصلاة كافر بنص رسول الله ولكن هو كفر عمل لا كفر اعتقاد ومن الممتنع أن يسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما انزل الله كافرا ويسمى رسول الله تارك الصلاة كافرا ولا يطلق عليهما اسم كافر وقد نفى رسول الله الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر وعمن لا يأمن جاره بوائقه وإذا نفي عنه اسم الإيمان فهو كافر من جهة العمل وانتفى عنه كفر الجحود والاعتقاد.
الصلاة وحكم تاركها (72)
3 - أن أهل السنة عابوا على من جعل مثل هذه المكفرات ليست كفرا بحد ذاتها بل دلالة وعلامة على الكفر.
قال ابن حزم رحمه الله في رده على المرجئة: وقال هؤلاء إن شئتم الله عز و جل وشئتم رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس كفرا لكنه دليل على أن في قلبه كفرا.
ثم قال بعد ذلك: وأما قولهم إن شتم الله تعالى كفرا وكذلك شتم رسول الله صلى الله عليه و سلم؛ فهو دعوى لأن الله تعالى: {قال يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم}
فنص تعالى على أن من الكلام ما هو كفر وقال تعالى: {وإذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم}
فنص تعالى أن من الكلام في آيات الله تعالى ما هو كفر بعينه مسموع.
وقال تعالى: {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم أن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة}
فنص تعالى على أن الاستهزاء بالله تعالى أو بآياته أو برسول من رسله كفر فخرج عن الإيمان , ولم يقل تعالى في ذلك أني علمت أن في قلوبكم كفرا بل جعلهم كفارا بنفس الاستهزاء , ومن أدعى غير هذا فقد قول ا لله تعالى ما لم يقل وكذب على الله تعالى.
الفصل (2
224 - 219)
وقال أيضا: وأما سب الله تعالى فما على ظهر الأرض مسلم يخالف في أنه كفر مجرد إلا أن الجهمية والأشعرية وهما طائفتان لا يعتد بهما يصرحون بأن سب الله تعالى وإعلان الكفر ليس كفرا. قال بعضهم: ولكنه دليل على أنه يعتقد الكفر لا أنه كافر بيقين بسبه الله تعالى.
المحلى (11
411)
ومعلوم أن شيخ الإسلام صوب معتقد ابن حزم في القدر والإيمان.
وقال شيخ الإسلام: و ذلك أن نقول: إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهرا و باطنا سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحلا له أو كان ذاهلا عن اعتقاده هذا مذهب الفقهاء و سائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول و عمل.
الصارم (512)
¥