ولغير ذلك من الفضائل فلو قيل بكراهة الصلاة فيه كان معنى ذلك تسويته مع غيره من المساجد ورفع هذه الفضائل عنه وهذا لا يجوز كما هو ظاهر وهذا المعنى استفدناه من كلام ابن تيمية السابق (ص 168) في بيان سبب إباحة صلاة ذوات الأسباب في الأوقات المنهي عنها فكما أن الصلاة أبيحت في هذه الأوقات لأن في المنع منها تضييعا لها بحيث لا يمكن استدراك فضلها لفوات وقتها فكذلك يقال في الصلاة في مسجده صلى الله عليه و سلم. ثم وجدت ابن تيمية صرح بهذا فقال في كتابه " الجواب الباهر في زوار المقابر (147) (ص 22/ 12):
" والصلاة في المساجد المبنية على القبور منهي عنها مطلقا بخلاف مسجده صلى الله عليه و سلم فإن الصلاة فيه بألف صلاة فإنه أسس على التقوى وكانت حرمته في حياته صلى الله عليه و سلم وحياة خلفائه الراشدين قبل دخول الحجرة فيه وإنما أدخلت بعد انقراض عصر الصحابة ".
ثم قال (67/ 169 / 2): وكان المسجد قبل دخول الحجرة فيه فاضلا وكان فضيلة المسجد بأن النبي صلى الله عليه و سلم بناه لنفسه وللمؤمنين يصلي لله هو والمؤمنون إلى يوم القيامة ففضل بنيانه له فكيف وقد قال: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " وقال: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا "
وهذه الفضيلة ثابتة له قبل أن يدخل فيه الحجرة فلا يجوز أن يظن أنه صار بدخول الحجرة فيه أفضل مما كان وهم لم يقصدوا دخول الحجرة فيه وإنما قصدوا توسيعه بإدخال حجر أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فدخلت الحجرة فيه ضرورة مع كراهة من كره ذلك من السلف ".
ثم قال (5512): ومن اعتقد أنه قبل القبر لم تكن له فضيلة إذ كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي فيه والمهاجرون والأنصار وإنما حدثت له الفضيلة في خلافة الوليد بن عبد الملك لما أدخل الحجرة في مسجده فهذا لا يقوله إلا جاهل مفرط في الجهل أو كافر فهو مكذب لما جابه عنه مستحق للقتل وكان الصحابة يدعون في مسجده كما كانوا يدعون في حياته لم تحدث لهم شريعة غير الشريعة التي علمهم إياها في حياته. . . بل نهاهم أن يتخذوا قبره عيدا أو قبر غيره مسجدا يصلون فيه لله عز و جل ليسد ذريعة الشرك فصلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما وجزاه أفضل ما جزى نبيا عن أمته فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربه)) [تحذير الساجد ص 178 – 185]
قوله: ((تاسعا: إذا ذكرت مولانا الإمام بن الإمام أخي الإمام أبي الأئمة سيد شباب أهل الجنة، أبي عبدالله الحسين بن علي وفاطمة، فقل: إنه قتل عدلا، وليس شهيدا، لأنه خرج على الوالي الشرعي (يزيد بن معاوية) فاستحق القتل هو ومن معه، أما أن (يزيد) كان واليا فاسقا فاجرا داعرا، فليس هذا من شأن الحسين، ولا من شأن أهل بيته، وأكثر من سب الحسين وآله تدخل الجنة))
قلت: ما زال كتاب هذه المقالة يفتري ويكذب ولا حول ولا قوة إلا بالله، أما موقف السلفيين من قتل الحسين فهو مخالفة تماما لما قاله صاحب المقال بل أقوالهم تنص أنه قتل مظلوما شهيدا وليس عدلا، وهذه أقوالهم:
قال الشيخ ابن باز: (( ... فقد قتل مظلوما فيدعى له بالمغفرة والرحمة، ويرجى له خير كثير، وهو وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة، كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنهما وأرضاهما، ومن عرف قبره وسلم عليه ودعا له فلا بأس، كما تزار القبور الأخرى ... الخ)) [مجموع الفتاوي ص 366/ 6]
وقال الشيخ عثمان الخميس: ((لاشك ولا ريب أن مقتل الحسين رضي الله عنه كان من المصائب العظيمة التي أصيب بها المسلمون فلم يكن على وجه الأرض ابن بنت نبي غيره وقد قتل مظلوما رضي الله عنه وعن أهل بيته، وقتله بالنسبة لأهل الأرض من المسلمين مصيبة، وفي حقه شهادة وكرامة ورفع درجة وقربى من الله حيث اختاره للآخرة ولجنات النعيم بدل هذه الدنيا الكدرة)) [حقبة من التاريخ ص 256]
¥