[الامام الشاطبي معجزة عصره كفيف البصر بصير القلب]
ـ[أحمد بدلة]ــــــــ[17 - 05 - 07, 02:24 م]ـ
الامام الشاطبي معجزة عصره
كل الناس تحتاج إلى علمه في القراءات
ألف الشاطبية وقال عنها إن فيها أحد عشر علماً فتح الله بها علي لا يعلمها إلا من فتح الله عليه
وقال مرة كل من تكون عنده الشاطبية في بيته يكون من أهل الجنة
فقال له أحدهم كيف ذلك
فقال رحمه الله: أوليس الذي توجد عنده يكون من أهل القرآن " وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته "
هو القاسم بن فِيرُّه – بكسر الفاء، بعدها ياء مثناة تحتية ساكنة، ثم راء مشددة مضمومة، بعدها هاء؛ ومعناه بلغة عجم الأندلس: الحديد – ابن خلف بن أحمد أبو القاسم، وأبو محمد الشاطبي الرعيني، الضرير، وليُّ الله الإمام العلاَّمة، أحد الأعلام الكبار المشتهرين في الأقطار.
ولد في آخر سنة /538/هجرية، بشاطبة، من الأندلس، وقرأ ببلده القراءات، وأتقنها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفزي.
ثم رحل إلى بلنسية بالقرب من بلده، فعرض بها التيسير من حفظه والقراءات على الإمام ابن هذيل، وسمع منه الحديث، وروى عنه وعن أبي عبد الله محمد بن أبي يوسف بن سعادة، صاحب أبي علي الحسين بن سكرة الصدفي؛
وعن الشيخ أبي محمد عاشر بن محمد بن عاشر، صاحب أبي محمد البطليوسي؛ وعن أبي محمد عبد الله بن أبي جعفر المرسي؛ وعن أبي العباس بن طرازميل؛ وعن أبي الحسن عليم بن هاني العمري، وأبي عبد الله محمد بن حميد، أخذ عنه «كتاب سيبويه» و «الكامل» لابن المبرد و «أدب الكاتب» لابن قتيبة وغيرها؛
وعن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحيم، وأبي الحسن ابن النعمة صاحب كتاب: «ريّ الظمآن في تفسير القرآن»، وعن أبي القاسم حبيش صاحب عبد الحق بن عطية، صاحب التفسير المشهور، ورواه عنه.
ثم رحل للحج؛ فسمع من أبي طاهر السِلَفي بالإسكندرية وغيره. ولما دخل مصر، أكرمه القاضي الفاضل وعرف مقداره، وأنزله بمدرسته التي بناها بدرب الملوخيا داخل القاهرة، وجعله شيخها، وعظمه تعظيماً كثيراً، فجلس بها للإقراء، وقصده الخلائق من الأقطار، وبها أتم نظَم هذا المتن المبارك.
ونظم – أيضاً – قصيدته الرائية المسماة: «عقيلة أتراب القصائد، في أسنى المقاصد» في علم الرسم، وقصيدة أخرى تسمى «ناظمة الزهر» في علم عدد الآي. وقصيدة دالية خمسمائة بيت لخَّصَ فيها «التمهيد» لابن عبد البر.
ثم إنه لما فتح الملك الناصر صلاح الدين يوسف بيت المقدس، توجه فزاره سنة /589 هـ/، ثم رجع فأقام بالمدرسة الفاضلية يُقرئ حتى تُوفي.
وكان إماماً كبيراً، أعجوبة في الذكاء، كثير الفنون، آية من آيات الله تعالى، غاية في القراءات، حافظاً للحديث، بصيراً بالعربية، إماماً في اللغة، رأساً في الأدب، مع الزهد والولاية، والعبادة، والإنقطاع والكشف، شافعي المذهب، مواظباً على السُّنَّة؛
قال ابن خلكان رحمه الله تعالى: «كان إذا قُرئ عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ، تُصحح النسخ من حفظه».
بلغنا أنه وُلد أعمى. ولقد حكى عنه أصحابه ومن كان يجتمع به عجائباً! وعظموه تعظيماً بالغاً، حتى أنشده الإمام الحافظ أبو شامة الدمشقي – رحمه الله – من نظمه في ذلك:
رَأَيْتُ جَمَاعَةً فُضَلاَءَ فَازُوا برُؤْيَةِ شَيْخِ مِصْرَ الشَّاطِبيِّ
وَكُلُّهُمْ يُعَظِّمُهُ وَيُثْنِي كَتَعْظِيمِ الصَّحَابَةِ للنَّبِيِّ
وذكر بعضهم: أن الشاطبي كان يُصلي الصبح بالفاضلية، ثم يجلس للإقراء، فكان الناس يتسابقون إليه، وكان إذا قعد لا يزيد على قوله: من جاء أوَّلاً فليقرأ؛ ثم يأخذ على الأسبق فالأسبق؛
فاتُّفق في بعض الأيام، أن بعض أصحابه سبق أولاً، فلما استوى الشيخ قاعداً قال: من جاء ثانياً فليقرأ! فشرع الثاني في القراءة، وبقي الأول لا يدري حاله! وأخذ يتفكر ما وقع منه بعد مفارقة الشيخ من ذنب أوجب حرمان الشيخ له؟ ففطن أنه أجنب تلك الليلة، ولشدة حرصه على النَّوْبة، نسي ذلك لما انتبه، فبادر إلى الشيخ، فاطَّلع الشيخ على ذلك! فأشار للثاني بالقراءة!
¥