إن من دواعي الانخداع بالمذهب الأشعري أن التمشعر مذهب تلفيقي توفيقي بين الوحي والعقل - على حدّ زعمهم - فهو يختار التلوّن والمصانعة للفريقين (أهل السُّنة والجماعة وأهل الاعتزال)، وعند التحقيق وتجلية الأمور، فهو إلى المعتزلة أقرب وألصق، لكنهم يكتمون ذلك! حتى قال ابن قدامة: «ولا نعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها إلا الزنادقة والأشعرية» [13] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftn13_ftn13)، وقال الإمام السجزي (ت 444هـ): «والمعتزلة مع سوء مذهبهم أقل ضرراً على عوام أهل السُّنة من هؤلاء؛ لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تموِّه .. وكثير من مذهب الأشعري يقول في الظاهر بقول أهل السُّنة مجملاً، ثم عند التفسير والتفصيل يرجع إلى قول المعتزلة، فالجاهل يقبله بما يظهره، والعالِم يكشفه لما منه يخبره، والضرر بهم أكثر منه بالمعتزلة لإظهار أولئك ومجانبتهم أهل السُّنة، وإخفاء هؤلاء ومخالطتهم أهل الحق. نسأل الله السلامة من كلٍّ برحمته» [14] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftn14_ftn14).
والمذهب الأشعري لا يزيده تصرّم الأيام إلا انحرافاً وانحداراً، حتى أفضوا للتسول باليهود في إنكار الصفات، وكما يقال: طافوا بأخس المذاهب ونالوا أخبث المطالب والمكاسب، ومن ذلك أن موسى بن ميمون (ت 601هـ) من ملاحدة اليهود وفلاسفتهم [15] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftn15_ftn15)، ألّف «دلالةَ الحائرين» وهو طافح بتعطيل الصفات الإلهية وإنكارها، وقام التبريزي - أحد تلاميذ الفخر الرازي - بشرحه والتعليق عليه، ثم نشره محمد زاهد الكوثري - أشهر دعاة البدع والضلال في هذا العصر - سنة 1369هـ[16] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftn16_ftn16)، واحتفى به! وفي الوقت نفسه كان الكوثري المأبون في دينه ونقله يدَّعي أن أهل الحديث في الهند أضر على الإسلام من اليهود [17] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftn17_ftn17)!
وأخيراً: فمع شناعات المذهب الأشعري وكثرة عواره وتناقضاته، إلا أننا نستصحب في نفس الوقت مراتب الشرور، وأن في أهل الأهواء من هو شر منهم كالرافضة والخوارج ونحوهم، كما أن الحديث ها هنا عن التمشعر مذهباً ومعتقداً، وأما أربابه فقد يعتريهم ويلحقهم من عوارض الأهلية كالجهل والتأوّل ما قد يُعذَرون به عند الله تعالى، والله - تعالى - يغفر لنا ولهم، والواجب أن نكون أكثر شجاعة وبذلاً في سبيل إظهار السُّنة ونشرها، ومدافعة البدعة وإزهاقها. فاللهم أحينا على الإسلام والسُّنة حتى نلقاك.
[1] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref1_ftnref1) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 2/ 24.
[2] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref2_ftnref2) مجموع الفتاوى 3/ 421.
[3] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref3_ftnref3) الدرء 5/ 248.
[4] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref4_ftnref4) مجموع الفتاوى 9/ 230، وانظر مجموع الفتاوى 13/ 227.
[5] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref5_ftnref5) انظر منهاج السُّنة 5/ 157، 4/ 121.
[6] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref6_ftnref6) مجموع الفتاوى 3/ 227.
[7] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref7_ftnref7) طبعت الرسالة مختصرة قبل أكثر من عشرين سنة، ثم ألحق الشيخ مسائل جليلة وزيادات نفيسة، فبلغت أكثر من مائتي صفحة، وهي من مطبوعات دار الحجاز للنشر بالقاهرة.
[8] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref8_ftnref8) انظر: الإنصاف للباقلاني الأشعري ص 22، وإرشاد الجويني ص 3.
[9] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref9_ftnref9) انظر: نقض المنطق لابن تيمية ص 88، والمواقف للإيجي الأشعري ص 272.
[10] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref10_ftnref10) انظر: الدرء 1/ 159، وشرح الطحاوية لابن أبي العز 1/ 243.
[11] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref11_ftnref11) جملة من تأويلات الأشاعرة كابن فورك والفخر الرازي وأشباههما هي عين تأويلات بشر المريسي «اليهودي»! انظر: مقدمة الحموية لابن تيمية.
[12] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref12_ftnref12) التسعينية لابن تيمية (ضمن الفتاوى الكبرى) 5/ 305.
[13] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref13_ftnref13) رسالة المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدع.
[14] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref14_ftnref14) الرد على من أنكر الحرف والصوت ص 177 - 181 = بتصرف يسير.
[15] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref15_ftnref15) انظر: الدرء 1/ 131 - 7/ 94.
[16] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref16_ftnref16) قال د. سفر الحوالي: «نشره سنة 1369هـ وهي السُّنة التي قامت فيها دولة إسرائيل بفلسطين ولسان حال الكوثري يقول: إذا لم تكن هذه الدولة على مذهب الحشوية فلتكن ما تكون» منهج الأشاعرة في العقيدة ص 179.
[17] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftnref17_ftnref17) انظر: منهج الأشاعرة في العقيدة ص 183.