تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والدليل السادس هو أن كتاب: تحفة النظار لابن بطوطة، ليست له قيمة علمية كبيرة من حيث صحة الأخبار وتوثيقها؛ فهو يأتي في أدنى درجات تصنيف الكتب من حيث القيمة العلمية لما تضمّنه من أخبار. ومما يثبت ذلك أنه كتاب مغامرات مشحون بكثير من الأساطير والخرافات التي زعم ابن بطوطة أنه رآها أو حكيت له خلال رحلته الطويلة إلى الهند والصين وغيرهما من البلدان. كما أنه - أي ابن بطوطة - لم يدوّن رحلته هذه إلا بعد نحو ثلاثين سنة من ابتداء رحلته، معتمداً على ذاكرته في تدوينها بعدما ضاعت منه مذكراته [16].

كل هذا يجعلنا نستبعد روايته عن ابن تيمية، وإذا أضفنا إليها انتقاداتنا السابقة لها فإننا نرفضها مطلقاً.

والدليل الأخير هو أن ابن بطوطة بدأ كلامه عن الشيخ ابن تيمية بذكر بعض ما حدث له قبل أن يدخل هو إلى مدينة دمشق بسنوات؛ ثم روى حادثة النزول بعدما دخلها، ثم ختم كلامه عنه بقوله: «فسجن بها - أي القلعة - حتى مات بالسجن» [17]، (سنة 728هـ) وكان هو حينذاك بمكة المكرمة لأداء فريضة الحج بعدما غادر دمشق منذ مدة طويلة [18]. وهذا يعني أنه بدأ الحديث وختمه عن ابن تيمية بناء على ما روي له دون أن يذكر لنا مصدر أخباره، وبما أننا قد أثبتنا أن حادثة النزول غير صحيحة، وأن ابن بطوطة لم يكن شاهد عيان لها، فيبدو أنها تسرّبت إليه من بعض خصوم ابن تيمية الذين رووا له ما حدث لابن تيمية قبل سنة 726هـ وبعدها؛ ومن المحتمل جداً أن هؤلاء هم الذين زعموا أنهم رأوا ابن تيمية وكذبوا عليه في حادثة النزول وليس ابن بطوطة، فاختلط عليه سياق الكلام ونسبه لنفسه. لكن مع ذلك فإن احتمال أن يكون ابن بطوطة هو الذي تعمد الكذب يبقى وارداً، والله أعلم.

وختاماً لما ذكرناه يتبين لنا من ذلك، أن ما رواه ابن بطوطة عن رؤيته لشيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية غير صحيح. وأن ما رماه به من التشبيه والتكييف والتجسيم في حادثة النزول، هو منه بريء افتراه عليه خصومه الكثيرون.


[1]- رحلة ابن بطوطة ج1 ص: 95، ط الجزائر.

[2]- نفس المصدر ج 1 ص: 83.

[3]- ابن كثير: البداية والنهاية ج 14 ص: 122، 134، 135.

[4]- ابن تيمية: العقيدة الأصفهانية ص: 49.

[5]- ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل ج 2 ص: 24.

[6]- ابن تيمية: مجموع الفتاوى ج 5 ص: 131.

[7]- ابن حجر: الدرر الكامنة ج 1 ص: 180.

[8]- نفس المصدر ج 1 ص: 181.

[9]- نفس المصدر ج1 ص: 182.

[10]-ابن تيمية: العقيدة الأصفهانية ص: 41. والفتاوى الكبرىج4 ص: 282 ودرء

تعارض العقل والنقل ج3 ص: 438، وج5 ص: 20، وج 6 ص: 518.

[11]- ابن تيمية: بغية المرتاد ص: 494. ومجموع الفتاوى ج 11 ص: 478.

[12] محمد بن عبد الهادي: العقود الدرية: 343. وابن كثير: المصدر السابق ج 14 ص: 539.

[13]- ابن رجب: المصدر السابق ج2 ص: 380.

[14]- ابن رجب: المصدر السابق ج 2 ص: 6 (م المحقق).

[15]- نفس المصدر ج 2 ص: 380.

[16]- ابن بطوطة: المصدر السابق ج1 ص: 6 (م المحقق).

[17]- نفس المصدر ج 1 ص: 95.

[18]- نفس المصدر ج1 ص: 254، 255، 256.

ربيع الآخر - 1425 هـ - حزيران (يونيو) - 2004 م

ـ[أبو عبادة]ــــــــ[09 - 08 - 09, 12:50 ص]ـ
جزاك الله خيرا اخي الفاضل سمير بن لوصيف ونفع بك

ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[09 - 08 - 09, 03:35 م]ـ
نعم جزاك الله خيرا سمير ين لوصيف. ونفع بك.

ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[09 - 08 - 09, 04:21 م]ـ
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
أذكر أن الدكتور عليا الكتاني المغربي رحمه الله بين كذب هذه القصة في تحقيقه لكتاب رحلة ابن بطوطة
والكتاب مطبوع بتحقيقه عام 1402 هـ فيما أذكر فتحقيقه ليس عندي الآن
وابن بطوطة كان يأخذ بعض الأمور التي ذكرها ابن جبير في رحلته وينسبها لنفسه كأنها وقعت له هو.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير