تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من خلال هذه الآيات والروايات يتضح لنا عدم بدائية الإنسان وأنه قد منح من الله عزوجل العقل والمعرفة وبعض الأدوات الأساسية، التي تساعده على أداء مهمته في الأرض وهي عمارتها بالعمل الصالح تجاه الله عزوجل بالعبادة والطاعة وتجاه الناس بالإحسان والعدل معهم، وهذه الآيات والروايات تفسر لنا أيضاً تناقض بعض الاكتشافات الأثرية الحديثة مع فرضيات علماء التاريخ والاجتماع والإنثربولوجيا، فقبل عامين تقريبا أعلن عالم الآثار الألماني كلاوس شميدت عن اكتشاف معبد يرجع بناؤه إلى العصر الحجري، أي قبل 11500 سنة أي أنه أقدم من الأهرامات في مصر وانتشار حروف الكتابة في العالم وبعد مضي وقت قصير على انتهاء العصر الجليدي، ويقع في جنوب شرق تركيا بالقرب من الحدود السورية أطلق عليه اسم "غوبالكي تيبي" نقشت على جدرانه نقوش لثعالب وعقارب وأسود ودببة برية وطيور.

وهذا الاكتشاف ينسف فرضيات سائدة كثيرة منها أن هذه الفترة (11500 سنة ق. م) لم تكن سوى مرحلة الجمع والالتقاط والتي تلاها مرحلة الصيد، أي أن هذه الفترة كانت قبل مرحلة الزراعة وقبل اكتشاف النار واختراع الفخار، فكيف وجدت نقوش الحيوانات التي يفترض أن الإنسان لم يعرف صيدها إلا بعد سنوات طويلة جداً!.

الأمر الآخر المحير هو كيف بني هذا المعبد ونقشت هذه النقوش والمفترض أن الإنسان في تلك الفترة لم يتوصل لصنع الأدوات؟! وأن بناء مثل هذا يحتاج لمعرفة في علوم متعدد ومحترفين في العلوم الرياضية المتعلقة بالحساب والقياس، ونقل الحجارة، وصولا إلى تغذية العمال مما لا يتناسب بشكل مع مجتمع ما قبل الزراعة والمعدن. وقريب من هذا الاكتشاف ما أعلنته مجلة The Prestigious peer review journal science الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 11 يناير 2002م عن عثور عدد من العلماء وفريق من الباحثين على قطعتين حمراوين من النقوش الفنية داخل كهف يعود تاريخه إلى أكثر من 77 ألف عام في إزكولو بجنوب أفريقيا، و أن تلك النقوش تحمل شعارات ورموزا تدل على أن من صنعها كان يمتلك قدرة في الإبداع والفكر، لاحتواء تلك النقوش على شكل هندسي رائع، كما اكتشف داخل الكهف آلات أخرى مصنوعة من العظام، التي استدل بها المكتشفون على أن القدماء الأفارقة كانوا أقدم من عرف السلوك الحضاري قبل أكثر من 35.000 عام من الأوروبيين.

ولا تزال الاكتشافات تظهر المزيد من تناقض كل النظريات الباطلة وغير المستندة إلى الحقائق أو الواقع الصحيح، وفي نفس الوقت تنسجم مع حقائق الوحي الإلهي في القرآن الكريم المحفوظ من النقص أو الخطأ أو التحريف، ليكون حجة ودليلاً لطالبي الحق والهداية.

* مثال معاصر لتحريف التوحيد وظهور الوثنية

كنا قد بينا في المقالين السابقين للرؤية القرآنية تجاه بداية البشرية، وأن البشرية منذ خلقها الله عز وجل وهي تدين بالإسلام وكرمت بالعلم والمعرفة والوحي، وأن الشرك والوثنية والجهل والانحطاط هي أحوال طارئة على البشرية بعد التوحيد والإسلام والعلم والمعرفة وسكن الجنة.

وهذا المقال سيعرض لنموذج حي ومعاصر لكيفية تحول الموحدين والمتعلمين لمشركين أو وثنيين وجهلة بعد العلم والمعرفة، وهذا المثال سيكون من جزيرة مدغشقر التي تعتبر رابع أكبر جزيرة في العالم، تقع مدغشقر في المحيط الهندي في جنوب شرقي قارة أفريقيا مقابل سواحل موزانبيق، التي وصلها الإسلام في القرن الثاني الهجري عندما وصل إلى أفريقيا ودخلها عن طريق جزر القمر، تقول عنها موسوعة ويكبيديا " حاولت البرتغال احتلالها سنة 913 هـ ولكن المسلمين قاوموا وحالوا دون دخولهم الجزيرة، ولكنهم عادوا الكرة مرة أخرى في السنة التالية 914 هـ، ودمروا معظم مدن الجزيرة و سيطروا عليها و تعاقب عليها الاحتلال فحاولت بريطانيا احتلالها في مستهل القرن الماضي و ضمها إلى جزر موريشوس و لكن تغلبت فرنسا في السباق واحتلت مدغشقر في سنة 1285 هـ -1868 م و ظل الاحتلال الفرنسي بها حتى نالت استقلالها في 1385 هـ- 1965 م".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير