وقوله: فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم: قال القرطبي: المراد بالمنزل: الكتاب والسنة ا هـ, وهل الكفر في هذا الموضع كفر دون كفر فلا ينقل عن الملة أم يتوقف فيه فلا يقال يخرج عن الملة ولا يخرج؟ وهذا أشهر الروايتين عن أحمد رحمه الله تعالى
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[18 - 12 - 09, 11:00 م]ـ
س205/ من هو العراف؟
ج/ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: إن العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم كالحارز الذي يدعى علم الغيب أو يدعى الكشف.
وقال أيضا: والمنجم يدخل في اسم العراف وعند بعضهم هو معناه.
وقال أيضا: والمنجم يدخل في اسم الكاهن عند الخطابي وغيره من العلماء وحكى ذلك عن العرب وعند آخرين هو من جنس الكاهن وأسوء حالا منه فيلحق به من جهة المعنى.
وقال الإمام أحمد: العرافة طرف من السحر والساحر أخبث.
وقال أبو السعادات: العراف المنجم والحارز الذي يدعى علم الغيب وقد استأثر الله تعالى به.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: من اشتهر بإحسان الزجر عندهم سموه عائفا وعرافا.
والمقصود من هذا: معرفة أن من يدعى معرفة علم الشئ من المغيبات فهو إما داخل في اسم الكاهن وإما مشارك له في المعنى فيلحق به وذلك أن إصابة المخبر ببعض الأمور الغائبة في بعض الأحيان يكون بالكشف ومنه ما هو من الشياطين ويكون بالفأل والزجر والطيرة والضرب بالحصى والخط في الأرض والتنجيم والكهانة والسحر ونحو هذا من علوم الجاهلية ونعنى بالجاهلية كل من ليس من أتباع الرسل عليهم السلام كالفلاسفة والكهان والمنجمين وجاهلية العرب الذين كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه و سلم فإن هذا علوم لقوم ليس لهم علم بما جاءت به الرسل صلى الله عليهم وسلم وكل هذه الأمور تسمى صاحبها كاهنا أو عرافا أو في معناهما فمن أتاهم فصدقهم بما يقولون لحقه الوعيد وقد ورث هذه العلوم عنهم أقوام فادعوا بها علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه وادعوا أنهم أولياء وأن ذلك كرامة, ولا ريب أن من ادعى الولاية واستدل بإخباره ببعض المغيبات فهو من أولياء الشيطان لا من أولياء الرحمن, إن الكرامة أمر يجريه الله على يد عبده المؤمن التقي, إما بدعاء أو أعمال صالحة لا صنع للولي فيها ولا قدرة له عليها, بخلاف من يدعي أنه ولي ويقول للناس: اعلموا أني أعلم المغيبات! فإن هذه الأمور قد تحصل بما ذكرنا من الأسباب, وإن كانت أسبابا محرمة كاذبة في الغالب, ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في وصف الكهان: "فيكذبون معها مائة كذبة", فبين أنهم يصدقون مرة ويكذبون مائة, وهكذا حال من سلك سبيل الكهان ممن يدعى الولاية وتزكية النفس المنهي عنها بقوله: {فلا تزكوا أنفسكم} وليس هذا من شأن الأولياء, فإن شأنهم الإزراء على نفوسهم وعيبهم لها وخوفهم من ربهم, فكيف يأتون الناس ويقولون: اعرفوا أننا أولياء وأنا نعلم الغيب؟ وفي ضمن ذلك طلب المنزلة في قلوب الخلق واقتناص الدنيا بهذه الأمور وحسبك, بحال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم, وهم سادات الأولياء, أفكان عندهم من هذه الدعاوى والشطحات شئ؟ لا والله, بل كان أحدهم لا يملك نفسه من البكاء إذا قرآ القرآن؛ كالصديق رضي الله عنه, وكان عمر رضي اله عنه يسمع نشيجه من وراء الصفوف يبكي في صلاته وكان يمر بالآية في ورده من الليل فيمرض منها ليالي يعودونه وكان تميم الداري يتقلب على فراشه ولا يستطيع النوم إلا قليلا خوفا من النار ثم يقوم إلى صلاته, ويكفيك في صفات الأولياء ما ذكره الله تعالى في صفاتهم في سورة الرعد والمؤمنين والفرقان والذاريات والطور, فالمتصفون بتلك الصفات هم الأولياء الأصفياء لا أهل الدعوى والكذب ومنازعة رب العالمين فيما اختص به من الكبرياء والعظمة وعلم الغيب, بل مجرد دعواه علم الغيب كفر, فكيف يكون المدعي لذلك وليا لله؟ ولقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء المفترين الذين ورثوا هذه العلوم عن المشركين, ولبسوا بها على خفافيش القلوب: نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة.