تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: ولا ريب أنا نحن وهم متفقون على إثبات صفة الحياة والسمع والبصر والعلم والقدرة والإرادة والكلام لله تعالى ونحن قطعا لا نعقل من الحياة والسمع والبصر والعلم إلا أعراضا تقوم بجوارحنا فكما يقولون حياته تعالى وعلمه وسمعه وبصره ليست بأعراض بل هي صفات كما تليق به لا كما تليق بنا فمثل ذلك بعينه فوقيته واستواؤه ونزوله ونحو ذلك فكل ذلك ثابت معلوم غير مكيف بحركة أو انتقال يليق بالمخلوق بل كما يليق بعظمته وجلاله فإن صفاته معلومة من حيث الجملة والثبوت غير معقولة من حيث التكييف والتحديد ولا فرق بين الإستواء والنزول والسمع والبصر الكل ورد في النص فإن قالوا في الإستواء والنزول شبهتم فنقول لهم في السمع والبصر شبهتم ووصفتم ربكم بالعرض فإن قالوا لا عرض بل كما يليق به تعالى قلنا والإستواء والنزول كما يليق به تعالى.

قال: فجميع ما يلزموننا به في الإستواء والنزول واليد والوجه والقدم والضحك والتعجب من التشبيه نلزمهم به في الحياة والسمع والبصر والعلم فكما لا يجعلونها أعراضا كذلك نحن لا نجعلها جوارح ولا ما يوصف به المخلوق.

وليس من الإنصاف أن يفهموا في الإستواء والنزول والوجه واليد صفات المخلوقين فيحتاجوا إلى التأويل والتحريف ولا يفهموا ذلك في

الصفات السبع، وحيث نزهوا ربهم في الصفات السبع مع إثباتها فكذلك يقال في غيرها

فإن صفات الرب كلها جاءت في موضع واحد وهو الكتاب والسنة، فإذا أثبتنا تلك بلا تأويل وأولنا هذه وحرفناها كنا كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض وفي هذا بلاغ وكفاية " ا. هـ

وبنحوه قال الإمام ابن خزيمة بل جمع كبير من أهل العلم.

وقال ابن خزيمة أيضا:

" فإن كان علماء الآثار الذين يصفون الله بما وصف به نفسه وبما جاء وعلى لسان نبيه مشبهة على ما يزعم الجهمية المعطلة فكل أهل القبلة إذا قرؤا كتاب الله فآمنوا به بإقرار باللسان وتصديق بالقلب وسموا الله بهذه الأسامي التي خبر الله بها أنها له أسامي وسموا هؤلاء المخلوقين بهذه الأسامي التي سماهم الله بها هم مشبهة

فعود مقالتهم هذه توجب أن على أهل التوحيد الكفر بالقرآن وترك الإيمان به وتكذيب القرآن بالقلوب والإنكار بالألسن

فأقذر بهذا من مذهب وأقبح بهذه الوجوه عندهم عليهم لعائن الله وعلى من ينكر جميع ما وصف الله به نفسه في محكم تنزيله والكفر بجميع ما ثبت عن نبينا المصطفى بنقل أهل العدالة موصولا إليه في صفات الخالق جل وعلا " ا. هـ

وما سبق من الإلزام بتوحيد الموقف من الصفات جار على القاعدة المشهورة عند أهل السنة:

القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.

ذكر هذه القاعدة جماعة من أهل العلم أذكر منهم الإمام الخطيب البغدادي والإمام الخطابي وإن خالف في بعض تطبيقاته والإمام إسماعيل التيمي الأصبهاني ثم جاء وشرحها أتم شرح الإمام الفحل ابن تيمية وهي مأخوذة عن السلف من خلال إلزاماتهم للمعطلة لكن بغير هذه الصيغة.

والأقوى في حق الأشاعرة القاعدة الأخرى:

القول في الصفات كالقول في الذات.

فكما أنه تعالى له ذات متصفة بصفات وتُرى ويُنظر إليها باتفاقنا نحن وأكثر الأشاعرة، ولا يستلزم ذلك عندنا ولا عندهم تشبيهه بالأجسام فكذلك له يدان ووجه على الحقيقة ولا يستلزم ذلك تشبيهه بالأجسام والأيدي والأوجه.

وكما أنه لا توجد ذات في المشاهد إلا ولها جسم يشابهها أو يماثلها

مصداقا لقوله تعالى: (ومن كل شيء خلقنا زوجين) ولا توجد ذات

عند كافة العقلاء إلا وهي جسم، ومع هذا اتفقنا جميعا على أن لله ذاتا ليست كالذوات واتفقنا أنه لا يلزم أن تشابه الأجسام

واتفقنا على أن من قال: لا نعقل ذاتا إلا وهي جسم ومشابه للأجسام أنه مخطئ إن استلزم هذا في ذات الله، وقلنا جميعا: هذا في حق المخلوق أما الخالق فليس كمثله شيء، واتفقنا أن خطأه كامن في حكمه على الله بناء على المشاهد.

فكذلك ـ ولا فرق ـ نقول: لله يدان ووجه على الحقيقة، ليست كالأيدي والأوجه ولا يستلزم كونها على الحقيقة أن تشابه الأيدي والأوجه، وإن كنا لا نعلم أيدي وأوجها في المشاهَد إلا وهي متشابهة وتوصف بأنها جوارح، فكونه في المشاهَد كذلك فإنه لا يلزم أن يكون في الخالق، فالخالق ليس كمثله شيء، ومن استلزم المشابهة فخطؤه كامن في حُكمه على الله بناء على المشاهَد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير