تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبومريم المصري]ــــــــ[26 - 08 - 09, 03:44 ص]ـ

تتابع أئمة الهدى وسلف الأمة الصالح من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم على الاحتجاج بالسنة وتوقيرها والرجوع إليها في كل صغيرٍ وكبيرٍ والحذر من مخالفتها أو تركها، أو التقدم عليها، من غير تفريق بين متواترها وآحادها، حتى شذت طوائف عبر التاريخ لم تقم للسنة وزناً، ولم ترفع بها رأساً، فمنهم من رفضها جملة وتفصيلاً، وأنكر أن تكون أصلاً من أصول التشريع، زاعمين أن في القرآن غنية لهم عن كل ما سواه، وأنه يتعذر الاطمئنان إلى الأحاديث من جهة الشك في طريقها، وأنه يجوز على رواتها الخطأ والنسيان والكذب، فقالوا بوجوب الاقتصار على القرآن، ومنهم من لجأ إلى التشكيك في بعض أنواعها، فرأى الحجية في نوع منها دون غيره، وقالوا: لا نقبل من السنة أخبار الخاصة التي تعرف عند المحدثين بأخبار الآحاد (وهي ما لم تجمع شروط التواتر) زعماً منهم أنها لا تفيد اليقين، ورفضوا العمل والاحتجاج بها، مهما كان رواتها من العدالة والضبط، ولم يعتمدوا إلا ما تواتر نقله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسقطوا بذلك جملة من الأحاديث الصحيحة الثابتة التي تعارض ما ابتدعوه في أبواب الدين، وسدُّوا جميع الطرق أمام معرفة الله وأسمائه وصفاته، وفي مقابل ذلك أحالوا الناس على أمور وهمية، ومقدمات خيالية سمُّوها - بزعمهم - قواطع عقلية وبراهين يقينية قدَّموها على الوحي، وحاكموا النصوص إليها.

وقد تكاثرت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وأقوال السلف - بل وإجماعهم - على الاحتجاج بحديث الآحاد، ولزوم العمل به:

فمن أدلة القرآن: قوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} (التوبة 122)، فقد حث الله عز وجل المؤمنين - في هذه الآية على أن تنفر من كل فرقة طائفة تقوم بمهمة التفقه والبلاغ، ولفظ الطائفة يتناول الواحد فما فوقه، مما يدل على قيام الحجة بخبرها.

ومنها قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}، وفي قراءة {فتثبتوا} (الحجرات 6)، فهذه الآية دلت على أن الخبر إذا جاءنا عن الثقة العدل فإن الحجة تقوم بخبره، ولا يلزمنا التثبت فيه، وأما الفاسق فهو الذي يجب أن لا نقبل خبره إلا بعد التثبت والتبين.

ومنها قوله سبحانه: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (النحل 43)، فأمر من لم يعلم أن يسأل أهل الذكر وهم أولو الكتاب والعلم، وهو يشمل سؤال الواحد والمتعدد، ولولا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لما كان لسؤالهم فائدة.

وقوله سبحانه: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} (المائدة67)، فأمر - صلى الله عليه وسلم – بتبليغ الدين للناس كافة وقام بذلك خير قيام، ولو كان خبر الواحد لا تقوم به الحجة لتعذر وصول الشريعة إلى كافة الناس ولما حصل البلاغ، ومعلوم أن التبليغ باق إلى يوم القيامة والحجة قائمة على العباد.

كما حكى الله عن بعض أنبيائه ورسله السابقين ما يدل على قبولهم لخبر الواحد، والعمل بمضمونه، فموسى عليه السلام قبل خبر الرجل الذي جاء من أقصا المدينة يسعى قائلاً له إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فجزم بخبره وخرج هارباً، وقبل خبر بنت صاحب مدين لما قالت له: {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} (القصص 25)، وقبل خبر أبيها في دعواه أنهما ابنتاه، فتزوج إحداهما بناء على خبره.

وقبل يوسف عليه السلام خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك وقال له: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} (يوسف50)، وثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير