تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مقابلة المكان بالزمان في رد الشبهات حول العلو]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[09 - 08 - 09, 08:08 م]ـ

[مقابلة المكان بالزمان في رد الشبهات حول العلو]

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

من المسائل المهمة التي ينبغي أن يستند إليها في مناظرة أهل البدع ورد شبهاتهم العقلية حول العلو؛ مقابلة المكان بالزمان.

وهذه المسألة من الأهمية بمكان, وخصوصا إبراز وجه التناقض في مذهب من ينكر العلو ويرد ذلك بشبهات عقلية , ومن يسلم لجانب ويرد الجانب الآخر , فيسلم بالمسائل المتعلقة بالأولية والقدم ويرد الأخرى المتعلقة بالفوقية والعلو , وهذه بعض النكت المهمة في هذا الموضوع.

الأشاعرة يقرون بهذا التقابل من وجه

قال الغزالي في التهافت:" الاعتراض أنه هذا كله من عمل الوهم , وأقرب طريق في دفعه المقابلة للزمان بالمكان .. ".

نقلا تهافت التهافت (91) لابن رشد.

التماثل بين الزمان والمكان من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

وهو من النفاسة بمكان لمن تدبرها وعرف المقصود منها , ووجه التماثل وكيفية استخدامه في الإلزام والمحاججة , وهي في ظني نقطة بالغة الأهمية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهو أن يقال: قد تبين تماثل المكان والزمان وما يقدر بهما في لزومهما للوجود أو عدم اللزوم وفي انقسام الوجود إلى ما ذكر من القسمبن في النوعين جميعا سواء قسم الموجود باعتبار ذاته أو باعتبار إضافته إلى القسم الآخر ,

فإذا قيل الموجود إما أن يكون قديما أو محدثا فهو كما لو قيل إما أن يكون قائما بنفسه أو قائما بغيره أو قيل إما أن يكون مباينا أو محايثا.

وإذا قيل إما أن يكون مباينا أو لا مباينا ولا محايثا فهو كما لو قيل إما أن يكون قديما أو محدثا أو لا قديما ولا محدثا ....

ولو قيل: إما أن يكون حاصلا في المكان أو لا يكون فهو كما لو قيل إما أن يكون في الزمان أو لا يكون وهي تسمية صحيحة في الخارج إذا لم يرد بالمكان الأجسام أو صفاتها وبالزمان مقدار حركاتها وما يشبه ذلك فإن نفس أجسام العالم ليست في مكان بهذا الاعتبار ولا هي أيضا في زمان وكذلك الزمان ليس في زمان آخر.

وإذا قيل: إما أن يكون حاصلا في الحيز أو لا يكون فهو كما لو قيل إما أن يكون حاصلا في الدهر أولا يكون , والمراد بالدهر ما يقدر الذهن وجود أزمنة فيه .. .

وتسميته قديما وأولا مثل تسميته عليا وظاهرا .. .

وإذا قيل الموجود إما أن يكون متقدما على غيره أو محدثا بعده فهو كما لو قيل الموجود إما أن يكون عاليا على غيره بائنا عنه أو يكون داخلا فيه محايثا له قائما به ... .

ومن قال هو في الأمكنة المخلوقة فهو بمنزلة من قال ذاته قبل الأزمنة , وذلك لا تنفصل ذاته عنها ولا تكون ذاته فوقها بمنزلة من قال هو مع الأزمنة المخلوقة مقارن لها لا تكون ذاته قبلها ولا يتقدم عليه.

والأول جحود لكونه الظاهر فوقها وهذا جحود لكونه الأول قبلها.

ومن قال ليس في الأمكنة ولا خارجا عنها فهو كمن قال ليس مقارنا للأزمنة ولا متقدما عليها .. .

وأما الجهمية .. حيث قالوا: لا هو داخل العالم ولا خارجه كما لو قالوا لا هو مع العالم ولا قبله .. .

ومن أجاب عن هذا بأن العقل الصريح يأبى تقسيم الموجود إلى ما يكون حاصلا في الحيز وإلى ما يكون؛ فهو بمنزلة من قال: العقل الصريح لا يأبى تقسيم الموجود إلى ما لا يكون حاصلا في الذهن وإلى ما يكون.

وإذا كان هذا لا يمنع ما يعلمه العقل بفطرته من أنه إما أن يكون وجوده مقارنا للعالم أو متقدما عليه , فكذلك ما ذكره في الحيز لا يمنع ما يعلمه العقل بفطرته من أنه إما أن يكون وجوده داخل العالم أو محايثا له أو خارجا عنه مباينا له.

وكما لا يعقل موجود إلا قديم أو محدث فلا يعقل إلا قائما بنفسه أو بغيره.

وكما أن القديم ينقسم إلى القديم المطلق الذي لايجوز عدمه وإلى القديم المقيد وهو المسبوق بالعدم أو الممكن عدمه , فالقائم بنفسه ينقسم إلى المحتوم المطلق وهو الذي لا يجوز عدمه ولا يحتاج إلى غيره بحال , وإلى القائم المقيد وهو المحتاج إلى غيره والذي يقوم في وقت ويعدم في وقت .. .

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير