تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أعطى النظر حقه علم أن هؤلاء الملاحدة قلبوا الحقيقة ,ونفوا عن الرب التقدم الحقيقي ومنعوا إمكان التقدم الحقيقي بحال كما أنهم وملاحدة المتكلمين في العلو قلبوا الحقيقة فنفوا عن الرب العلو الحقيقي والمباينة الحقيقية بل منعوا إمكان العلو الحقيقي والمباينة الحقيقة ... والتقدم والتأخر قسيمان للمقارنة التي يعبر عنها بلفظ (مع) فيقال هو متقدم عليه أو متأخر عنه أو هو معه.

وإذا كان كذلك فالتقدم والتأخر والمقارنة إنما هي بالزمان والمكان كما أنه المستعمل في ذلك إذا قلب الزمان والمكان وهي الألفاظ التي تسمى ظروف الزمان والمكان ..

ثم قال بعد ذلك: فأما التقدم والتأخر بالمكان كقول سمرة بن جندب: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا ثلاثة أن يتقدم أحدنا , وكقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي في الصحيحين لما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومنه الحديث في صلاة الخوف ذكر الصف المقدم والصف المؤخر.

وهكذا لفظ الأول والآخر يستعمل في المكان كما يستعمل في الزمان ... .

ثم دلل على ذلك.

بيان تلبس الجهمية (5

182 - 194)

هذا الكلام لشيخ الإسلام ينبغي تدبره وتكرار النظر فيه لفهم وجه الإلزام والمحاججة.

وجه إلزامات أهل البدع في إثبات علو الله على خلقه , وكيفية مقابلة ذلك بالزمان.

ا- المسألة التي أشرنا إليها سابقا في مقال مستقل , وهي مسألة علو الله علو مكانة ومنزلة , ومقابلة ذلك بالتقدم بالرتبة والمنزلة.

الفلاسفة المنتسبون للإسلام كابن سينا وغيره يرون أن هذا العالم موجب بالذات أي ملازم لذات الله أزلا؛ أي يقارنه مقارنة العلة للمعلول , ولا يتقدم عليه ويرون أن العالم قديم بقدم موجبه.

وهؤلاء الفلاسفة يجيبون من أثبت لله أولية أو قدما بأن هذه الأولية والتقدم ليس تقدما حقيقيا , وإنما هو تقدم وأولية في المنزلة والمكانة؛ ويستدلون على ذلك بأن لغة العرب تحتمل ذلك؛ فالعرب تقول فلان يتقدم فلان , ويريدون به التقدم المعنوي وليس الحقيقي!

ومعلوم أن من الصفات السلبية التي يثبتها = الأشاعرة = لله = صفة القدم = وهي انتفاء العدم السابق؛ وهو بمعنى الأولية والتقدم؛ وقد اشتد الأشاعرة على خصومهم الفلاسفة في المسألة المتقدمة وهي مسألة قدم العالم؛ وأثبتوا لله تقدما حقيقيا وليس فقط معنويا.

فيأتي الآن الإلزام:

وهو أن يقال لهؤلاء الأشاعرة ما تجيبون به أولئك الذين يجعلون تقدم الباري تقدم رتبة ومنزلة وليس ذاتيا حقيقيا؛ نجيبكم به أهل السنة والجماعة أن علو الله على خلقه علوا ذاتيا حقيقيا؟

فهذه المسألة شبيهة بذلك!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فمن جعل علوه على العالم ليس إلا بالرتبة والقدرة ونحوهما؛ فهو شبيه بمن جعل تقدمه على العالم ليس إلا بالرتبة والتوليد ونحوهما , وهذا في الحقيقة إنكار لكونه الأول وإثبات لمقارنة العالم له في الزمان , وذلك إنكار لكونه هو الظاهر وإثبات لمقارنة العالم له في المكان , وكلا القولين يعود إلى تعطيل الصانع في الحقيقة.

بيان تلبيس الجهمية (5

178,179)

2 - يقرر الأشاعرة أن الله لا داخل العالم ولا خارجه , وهذا مناف للمعقول , فتكون الإجابة أن هذا شبيها بمن قال: الله لا هو مع العالم ولا قبله أو لا قبل الزمان ولا بعده , وهذا الأخير لا يقر به الأشاعرة , فهذه بتلك.

3 - أنهم يقولون لو كان الله في جهة , وكان الله ولا شيء معه (العالم) ولم يتصف بالجهة ثم خلق العالم فاكتسب حينها الجهة , لكان العالم هو الذي أعطاه هذه الصفة أو المؤثر فيه في إعطائه الجهة؛ إذ لم يكن متصفا بها.

والجواب: كان الله ولا زمان ثم خلق الزمان , فهل عندما خلق الزمان اكتسب صفة الأولية والقدم , فأنتم تقولون كان الله ولا زمان ولا مكان ثم خلق الزمان والمكان , فهذه بتلك.

فلما لم يؤثر في الزمان في إعطائه الأولية والقدم كذلك لم يؤثر في خلق المكان في إعطائه العلو والجهة.

قال شيخ الإسلام: والمقصود أن التقدم بالزمان لا يشترط أن يكون الزمان مؤثرا فيه.

بيان تلبيس الجهمية (5

218)

4 - قالت الأشاعرة هل كان الله قبل أن يخلق الجهات والعالم يوصف بالعلو والجهة؟

والإلزام: وهل كان الله قبل خلق الزمان يوصف بالقدم والأولية فهذه بتلك.

كان الله و لم يكن زمان ولا مكان.

5 - قالت الأشاعرة لو كان الله خارج العالم لكان إما أن يكون متصلا به لو أو غير متصل؟

والجواب: وهل يلزم من إثبات الأولية والقدم مقارنة الله للزمان أو اتصاله به أو لا يلزم!

فهذه بتلك.

6 - قالوا: ولو كان منفصلا , فهل هذا الانفصال يكون بمسافة متناهة أو غير متناهية؟

والجواب: وهل لو كان متقدما على الزمان يكون بمسافة متناهية أو غير متناهة.

7 - قالوا ولو كان فوق العرش لزم احتاجه إليه.

والجواب: ولو كان قبل الزمان للزم احتاجه إليه لاكتساب الأولية والقدم.

والشاهد أن هذه المسألة ينبغي أن يعتني بها طالب العلم السني , وهذه من أجوبة الإلزام التي التي تبين تناقضهم , ولا محيد لهم عنها.

والمسألة تحتمل أكثر من هذا بكثير ولكن هذه إشارات سريعة لهذه المسألة

والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير