[لله دره، الشيخ ال عبد اللطيف ينسف كتاب (القول التمام) و من قدم له!]
ـ[ابو الفيصل]ــــــــ[15 - 08 - 09, 08:30 م]ـ
سوّد سيف العصري [1] كتاباً أسماه (القول التمام بإثبات التفويض مذهباً للسلف الكرام)، وقد طالعتُ الكتاب فإذا هو حافل بالمزالق والمغالطات والتلبيسات - كما سيأتي الإشارة إلى بعضها - وقدّم له نخبة من الأساتذة الأشياخ، وعلى رأسهم الشيخ د. يوسف القرضاوي.
• عندما تطالع مقدمة د. القرضاوي فإن وَهْم التشبيه والتجسيم عالق في ذهنية القرضاوي منذ كان صغيراً في ابتدائية الأزهر حتى ساعة كتابة المقدمة (1428هـ)، وهذا الوهم الجاثم هو امتداد لما كان عليه أسلافه (الأشاعرة) كما في جوهرة اللقاني والنسفية وموقف الإيجي ونحوها .. إذ انقدح في أذهانهم أن في إثبات أكثر الصفات الإلهية تمثيلاً وتشبيهاً، فدفعوه بالتأويل الفاسد أو التفويض والتضليل.
وليت الشيخ القرضاوي -وهو في معترك المنايا - أن يتحرر من هذا التقليد للأشاعرة والتسويغ لمقالة الداعية الكبير حسن البنا - رحمه الله - في تصوير مذهب التفويض (التجهيل)، لاسيما وأن الأشاعرة يوجبون "النظر"، ويجعلونه أول واجب، فغاية الإيمان هو العلم بحدوث العالم وقدم الصانع!! ويجعلون المقلد في التوحيد كافراً كما في الأقوال التي قررها البيجوري في شرح جوهرة اللقاني، والتي عَوّل عليها القرضاوي في دراسته ومقدمته.
• وقد حكى القرضاوي انفتاحه الكبير على مذهب السلف - أو مدرسة ابن تيمية وابن القيم على حدّ تعبيره - لكن هذا الانفتاح المرتقب بعد هذا العمر المديد سرعان ما تقشع بعد هذه الدعوى بسطور! فالقرضاوي يقول: " قال ابن تيمية بصريح العبارة ... لله جنب ولكن ليس كجنبنا".
وهذه كذبة صلعاء على شيخ الإسلام, فإنه قد قال - رحمه الله -: "لا يعرف عالم مشهور عند المسلمين ولا طائفة مشهورة من طوائف المسلمين أثبتوا لله جنباً, نظير جنب الإنسان, وهذا اللفظ جاء في القرآن في قوله: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: 56] , فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له, بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة كبيت الله, وناقة الله .. والتفريط ليس في شيء من صفات الله عز وجل. بل يراد به أنه فرّط في جهته وفي حقه ... ". الجواب الصحيح 3/ 145, 146 باختصار (طبعة المدني).
وهذا ما قرره الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على بشر (ص184) , وكذا الإمام ابن القيم في الصواعق المرسلة 1/ 250.
ولو تكرم الشيخ القرضاوي بالتفاتة عابرة على تراث ابن تيمية لما أوقع نفسه في هذه العثرة.
• الانفتاح "المنتظر" من الشيخ القرضاوي مع أهل السنة والجماعة قد صيّره بعيد المنال, لما عَرّض بأهل السنة ولمزهم بالإرهاب الفكري, وأن انتشار هذه المدرسة (السلفية) لأجل قوة سياسية أو اقتصادية.
ولو نطق بهذا اللمز غير القرضاوي من الأغمار وأشباههم لكان أمراً مكروراً! لكن أن يصدر هذا الطعن من أشهر الشخصيات الإسلامية في العالم, وأبرز علماء العصر! فهذا مردود شرعاً وعقلاً وفطرة وواقعاً.
أفيقال: إن ظهور مذهب السلف في أرض الكنانة مثلاً لأجل نصرة النظام المصري لمذهب السلف الصالح!! إن مذهب السلف الصالح يكابد أنواعاً من المكر الكبّار - خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر - ومع ذلك فمذهب السلف له الظهور والقبول والانتشار, إذ هو في غاية الاطراد والوضوح, وهو المذهب الذي تقبله العقول والفِطَر, والقائم على الرسوخ واليقين والتسليم للشرع والاستدلال به.
وكما قال ابن تيمية: "وإذا تأمل اللبيب الفاضل تبيّن له أن مذهب السلف والأئمة في غاية الاستقامة والسداد, والصحة والاطراد, وأنه مقتضى المعقول الصريح, والمنقول الصحيح, وأن من خالفه كان مع تناقض قوله المختلف الذي يؤفك عنه من أُفك خارجاً عن موجب العقل والسمع, مخالفاً للفطرة والسمع .. " الفتاوى 5/ 212, 213.
¥